بأوصاف الجمال ، بل هو أكبر من أن يوصف ، ولذا ورد في الرّوايات عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في معنى الله أكبر : «الله أكبر من أن يوصف» ، ولذا فإنّ التكبير له مفهوم أوسع من التسبيح الذي هو تنزيهه من كل عيب ونقص.
ثمّ صدر الأمر الثّاني بعد مسألة التوحيد ، ويدور حول الطهارة من الدنس فيضيف : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) ، التعبير بالثوب قد يكون كناية عن عمل الإنسان ، لأنّ عمل الإنسان بمنزلة لباسه ، وظاهره مبين لباطنه ، وقيل المراد منه القلب والروح ، أي طهر قلبك وروحك من كلّ الأدران ، فإذا وجب تطهير الثوب فصاحبه اولى بالتطهير.
وقيل هو اللباس الظاهر ، لأنّ نظافة اللباس دليل على حسن التربية والثقافة ، خصوصا في عصر الجاهلية حيث كان الاجتناب من النجاسة قليلا وإن ملابسهم وسخة غالبا ، وكان الشائع عندهم تطويل أطراف الملابس (كما هو شائع في هذا العصر أيضا) بحيث كان يسحل على الأرض ، وما ورد عن الإمام الصّادق عليهالسلام في معنى أنّه : «ثيابك فقصر» (١) ، ناظر إلى هذا المعنى.
وقيل المراد بها الأزواج لقوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) (٢) ، والجمع بين هذه المعاني ممكن ، والحقيقة أنّ الآية تشير إلى أنّ القادة الإلهيين يمكنهم إبلاغ الرسالة عند طهارة جوانبهم من الأدران وسلامة تقواهم ، ولذا يستتبع أمر إبلاغ الرسالة ولقيام بها أمر آخر ، هو النقاء والطهارة.
ويبيّن تعالى الأمر الثّالث بقوله : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) المفهوم الواسع للرجز كان سببا لأن تذكر في تفسيره أقوال مختلفة ، فقيل : هو الأصنام ، وقيل : المعاصي ، وقيل : الأخلاق الرّذيلة الذميمة ، وقيل : حبّ الدنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة ، وقيل هو العذاب الإلهي النازل بسبب الترك والمعصية ، وقيل : كل ما يلهي
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٥.
(٢) البقرة ، ١٨٧.