كرارا ، ولهذا نقرأ في حديث أمير المؤمنين عليهالسلام : «اصبر من الإيمان كالرأس من الجسد» (١) ، ولقد كان الصبر والاعتدال أحد الأصول المهمّة لمناهج الأنبياء والمؤمنين. وكلما ازدادت عليهم المحن ازداد صبرهم.
ورد في حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال حول أجر الصابرين : «قال الله تعالى : إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ، ثمّ استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا».
ثمّ أنّ الآيات الشريفة وفي تعقيب لأمر ورد في الآيات السابقة في إطار القيام وإنذار المشركين ، توكّد مرّة اخرى على الإنذار والتحذير ، فيقول تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ).
وردت احتمالات متعددة في تركيب هذه الجملة ، أفضلها ما جاء في كتاب (البيان في غريب إعراب القرآن) والذي يقول : (ذلك مبتدأ ويومئذ بدل ويوم عسير خبره) ، والملاحظ أنّ (ناقور) هي في الأصل من نقر ، ويعني الدق المؤدي إلى الإثقاب ومنها سمّي المنقار ، وهو ما تمتلكه الطيور لدق الأشياء وثقبها ، ولذلك يطلق اسم النّاقور على مزمار الذي يخرق صوته اذن الإنسان وينفذ إلى دماغه.
ويستفاد من الآيات القرآنية أنّ في نهاية الدنيا وبدء المعاد بنفخ في الصور مرّتين ، أي أن له صوتين موحشين ومرعبين يملآن مسامع العالم بأسره ، أوّلهما صوت الموت ، والثّاني صوت اليقظة والحياة ، ويعبر عنهما (نفخة الصور الاولى) و (نفخة الصور الثّانية) وهذا الآية تشير إلى نفخة الصور الثّانية ، والتي يكون معها
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، ٨٢.