تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ).
وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول : (قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ).
وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.
وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك. (١)
ولذا يضيف في الآية الأخرى : (كَلَّا) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة (بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ).
إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.
ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ : (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ).
إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل
__________________
(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.