المقدّسة ، لذا ليس هناك دليل على عدم القسم هنا بيوم القيامة ، وهناك مثال لاتّخاذ لا الزائدة في أوّل الكلام ، وهو ما ورد في أشعار «امرئ القيس» حيث استعمل «لا» الزائدة في بداية قصائده الشعرية
لا وأبيك ابنة العامر |
|
لا يدعي القوم أني أفر |
ولكن ما نعتقده أنّ البحث ليس مهمّا حول ما إذا كانت (لا) نافية أو زائدة ، وذلك لأنّ نتيجة القولين هي واحدة وهي بيان أهمية الموضوع الذي أقسم لأجله.
المهم أنّ نرى ما هي العلاقة والرّابطة الموجودة بين القسمين.
الحقيقة أنّ أحد دلائل وجود «المعاد» هو وجود «محكمة الوجدان» الموجودة أعماق الإنسان ، والتي تنشط وتسر عند الإقدام لإنجاز عمل صالح ، وبهذه الطريقة تثبت صاحبها وتكافئه ، وعند ارتكاب الأعمال السيئة والرذيلة فإنّها سوف تقوم بتقريع صاحبها وتأنّبه وتعذبه إلى حدّ أنّه قد يقدم على الانتحار للتخلص ممّا يمرّ فيه من عذاب الضمير.
وفي الحقيقة أنّ الضمير هو الذي أصدر حكم الإعدام ، وتمّ تنفيذ ذلك بنفسه ، إنّ دوي النفس اللوامة في وجود الإنسان واسع جدّا ، وهي قابلة للتمعن والمطالعة في كلّ الأحوال وفي بحث الملاحظات نشير إلى ذلك بشكل واسع.
عند ما يكون (العالم الصغير) أي وجود الإنسان محكمة في قلبه ، فكيف يمكن للعالم الكبير أن لا يملك محكمة عدل عظمى؟
فمن هنا نفهم وجود البعث والقيامة بواسطة وجود الضمير الأخلاقي ، ومن هنا تتّضح الرابطة الظريفة بين القسمين ، وبعبارة أخرى فإنّ القسم الثّاني هو دليل على القسم الأوّل.
وأمّا ما يراد بـ «النفس اللوامة» (١) فهناك أقوال كثيرة ومختلفة قد ذكرت
__________________
(١) اللوامة : صيغة مبالغة وتعني كثيرة اللوم.