و «الغرق» : (على وزن الفرق) ، يقول عنه (ابن منظور) في لسان العرب : إنّه اسم أقيم مقام المصدر الحقيقي ، بمعنى الإغراق ، والإغراق بالنزع هو : أن يباعد السهم ويسحب القوس إلى آخر نقطة ممكنة ، ويضرب مثلا للغو والإفراط.
ومن هنا يتّضح أنّ المعنى المقصود في هذه الآية ليس الغرق في الماء ، بل هو القيام بعمل ما إلى أقصى حدّ ممكن. (١)
«النّاشطات» : من (النشط) ، هي العقد التي يسهل حلها ، وبئر (إنشاط) : هي القريبة القعر يخرج دلوها بجذبة واحدة ، ويقال للإبل التي تتحرك من غير أن يحدى لها (النشيطة) .. فيكون المعنى عموما : هو التحرك بسهولة.
«السابحات» : من (السبح) ، وهو الحركة السريعة في الماء أو الهواء ولهذا تطلق السابحات على : السباحة في الماء ، الحركة السريعة للخيل ، وأيّة حركة سريعة في عمل ما .. و «التسبيح» : هو تنزيه الله تعالى من كل عيب ونقص ، وأصله : الحركة السريعة في عبادة الله تعالى.
«السابقات» : من (السبق) ، وهو التقدم في السير ، وبما أنّ السبق لا يتمّ إلّا بالحركة الأسرع فهو يتضمّن معنى الشرعة كذلك.
«المدبرات» : من (التدبير) ، وهو التفكير في عاقبة الأمور ، وأرادت الآية القيام بالأعمال على أحسن وجه.
وبعد هذه التعريفات الموجزة نشرع بالتفسير :
إنّ القسم بهذه الأمور الخمسة قد لفّته هالة من الإبهام والغموض وتبعث على التأمل والتعمق أكثر لمعرفة المراد من هذه الأقسام وأنّها لمن تشير ، وأي شيء تقصد؟
وقد عرضت تفاسير مختلفة ، وقيل الكثير بخصوص هذا الموضوع ، إلّا أنّ
__________________
(١) راجع : لسان العرب ، تفسير مجمع البيان ، تفسير الكشّاف ، ومجمع البحرين.