الظاهرية ، لأنّ دمارهم وهلاكهم على الله أسهل من أن يتصور .. فهذا البيان القرآني إذا ، تسلية لقلوب المؤمنين وترطيبا لخواطرهم.
فيتوجه الحديث إلى النبيّ عليهالسلام بصيغة الاستفهام : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) ليشوق السامع ويهيئه لاستماع القصّة ذات العبر.
ثمّ يقول : (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (١).
«طوى» : يمكن أن يكون اسما لأرض مقدّسة ، تقع في الشام بين (مدين) و (مصر) ، وهو الوادي الذي كلّم الله تعالى فيه موسى عليهالسلام أوّل مرّة.
وقد رود الاسم أيضا في الآية (١٢) من سورة طه : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).
وقد تكون «طوى» صفة من (الطي) ، إشارة إلى ما انطوت عليه تلك الأرض من القداسة والبركة.
أو كما يقول الراغب في مفرداته ، إشارة إلى حالة حصلت له على طريق الاجتباء ، فكان ينبغي عليه السير في طريق طويل ، ليكون لائقا لنزول الوحي ولكن الله تعالى طوى له هذا الطريق وقرّب له الهدف.
ثمّ أشار القرآن إلى تعليمات الله عزوجل إلى موسى عليهالسلام في الواد المقدّس : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) وبعد التزكية وتطهير الذات تصبح لائقا للقاء الله ، وسوف أهديك إليه عسى أن تخشع وتترك ما أنت عليه من المنكرات : (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى).
ولمّا كانت كلّ دعوة تحتاج إلى دليل صحتها ، يضيف القرآن القول : (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) (٢).
__________________
(١) اعتبر أكثر المفسّرين «إذ» ظرف زمان متعلق بـ «حديث» ويصح الإعتبار لو كانت بمعنى نفس الحادثة وليست حكايتها .. وثمّة احتمال آخر ، يقول «إذ» : ظرف متعلق بفعل محذوف تقديره (اذكر) ، فالتقدير : (اذكر إذ ناداه ...) ـ فتأمل.
(٢) إنّ الفاصلة الزمنية ما بين توجيه الأمر الإلهي إلى موسى عليهالسلام وبين إرائة المعجزة كانت كبيرة ، ولكنّ البيان القرآني اختصرها في هذا الموضع.