وثمّة من يقول : إنّ المعنى كلّ من «الطعام» و «النظر» من الوسع بحيث يشمل كلّ ما ذكره أعلاه ، ولكن .. من المخاطب في الآية؟
الجميع مخاطبون ، سواء كانوا مؤمنين أو كافرين ، فعلى كلّ إنسان أن ينظر إلى طعامه ويتفكر فيما أودع فيه من أسرار وعجائب كما وكيفية ، وعسى الضال ـ والحال هذه ـ أن يجد ضالته فيترك طريق الضلال ويسلك طريق الحقّ ، ولكي يزداد المؤمنون إيمانا.
فالأغذية بما تحمل وتقدم تعتبر عالما مضيئا وآيات باهرة تنير درب الباحثين عن الحق في لجج الضياع والجهالة ، وتوصل الباحثين عن الأمان إلى شاطئ النجاة.
ثمّ يدخل القرآن في شرح تفصيلي لماهية الغذاء ومصدر تشكيله ، فيقول (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا).
«الصب» : إراقة الماء من أعلى ، وجاء هنا بمعنى هطول المطر.
و «صبأ» : تأكيد ، وللإشارة إلى غزارة الماء.
نعم .. فالماء مصدر رئيسي للحياة ، وهو على الدوام ينزل من السماء وبغزارة ليجسد لطف الله تعالى على خلقه.
كيف لا ، وكلّ العيون والآبار والقنوات والأنهار قد استمدت أساس وجودها من الأمطار.
وعليه .. فلا بدّ للإنسان حين ينظر إلى طعامه أن يربط ذلك بنظام المطر ، ويدقق النظر في عملية تكوين الغيوم وكيفية حدوث الأمطار.
فالماء المتبخر من سطح البحار ، يتجمع في الفضاء على شكل غيوم ، وتتحرك تلك الغيوم بفعل الرياح إلى طبقات الجو الباردة ، فتبدأ بعملية التكاثف حتى تصل لدرجة الهطول ، فترى ذلك البخار ، وقد تحول إلى قطرات ماء زلال خال من أيّ أملاح مضرة وقد تطهر عن كلّ قذارة ، وليستقر في آخر مطافه على