الحيوانات منه.
وذكر جمع من المفسّرين ـ من كلا الفريقين ـ في ذيل الآية : إنّ عمر بن الخطاب قرأ يوما على المنبر : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً) إلى قوله تعالى : (وَأَبًّا) .. قال : كلّ هذا قد عرفناه ، فما الأبّ! ثمّ رمى عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمر الله هو التكلف ، فما عليك أن لا تدري ما الأبّ!! اتّبعوا ما تبيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه! (١).
وأغرب من ذلك ، ما ورد في (الدر المنثور) عن أبي بكر حينما سئل عن ذلك ، أنّه قال : (أيّ سماء تظلني وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم)!
وقد اتّخذ كثير من علماء السنّة من الحديثين المذكورين على أنّه : لا ينبغي لأحد التكلم فيما لا يعلم ، وعلى الأخص في كتاب الله.
ولكن ، يبقى في الذهن إشكال ... إذ كيف يكون لخليفة المسلمين أن لا يفقه كلمة وردت في القرآن الكريم ، مع كونها ليست من معضلات اللغة؟!! وهذا ما يوصلنا إلى ضرورة وجود قائد الإلهي في كلّ عصر ، وأن يكون عارفا بجميع المسائل الشرعية ، ومنزّها عن الخطأ (معصوما).
ولذلك ، روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، إنّه حينما سمع بما قاله الخليفة .. قال : «سبحان الله أما علم أنّ الأبّ هو الكلأ والمرعى ، وأنّ قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) اعتداد من الله بإنعامه على خلقه ، فيما غذّاهم به ، وخلقه لهم ولأنعامهم ، ممّا تحيى به أنفسهم وتقوم به أجسادهم» (٢).
ويواجهنا سؤال : إذا كانت الآيات السابقة ذكرت بعض أنواع الفاكهة ، والآية المبحوثة تناولت الفاكهة بشكل عام ، هذا بالإضافة إلى ذكر لـ «حدائق» في الآية
__________________
(١) تفسير الآية المذكورة في : تفسير روح المعاني ، تفسير القرطبي ، تفسير في ظلال القرآن ، الدر المنثور ، وتفسير الميزان.
(٢) إرشاد المفيد ، ص ١٠٧ ، وعنه تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣١٩.