وقد ذكرنا مراحل فناء الجبال ، ابتداء من السير والحركة وانتهاء بتحولها إلى غبار متناثر (فراجع تفسير الآية (٢٠) من سورة النبأ).
وثمّ يأتي در والمشهد الرّابع : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ).
«العشار» : جمع (عشراء) ، وهي الناقة التي مرّ على حملها عشرة أشهر ، فأضحت على أبواب الولادة ، بعد ما امتلأت أثداؤها باللبن.
وهي من أحبّ وأثمن النوق لدى العرب زمن نزول الآية المباركة.
«عطلت) : تركت لا راعي لها.
فهول ووحشة القيامة ، سينسى الإنسان أحبّ وأثمن ما يمتلكه.
وقال العلّامة الطبرسي في مجمع البيان : وقيل : العشار ، السحاب تعطل فلا تمطر. أي : إنّ الغيوم ستظهر في ذلك اليوم ، ولكن لا تمطر (ويمكن أن يكون الغيوم ناشئة من الغازات والمختلفة ، أو تكون غيوما ذرية ، أو طبقات من الغبار الناتج من تدمير الجبال .. وكلّ ذلك لا تمطر).
ويضيف الطبرسي قائلا : قال الأزهري : لا أعرف هذا في اللغة.
وثمّة علاقة بين ما ذهب إلى الشيخ الطريحي في (مجمع البحرين) بقوله : العشار : بمعنى الناقة الحامل ثمّ اطلق على كلّ حامل ، وبين إطلاقها في الآية. فلا غيوم غالبا ما تكون محملة بالأمطار ، ولكن الغيوم التي ستظهر في السماء على أعتاب ذلك اليوم سوف لا تكون حاملة بالمطر ـ فتأمل.
وقيل : «العشار» : هي البيوت أو الأراضي الزراعية التي ستتعطل بذلك اليوم ، وستخلو من الناس والزراعة.
وأشهر ما فسّرت به الآية هو التفسير الأوّل.
وينتقل المشهد الخامس إلى الوحوش : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ).
فالحيوانات الوحشية التي تراها في الحالات العادية تبتعد الواحدة عن الأخرى خوفا من الافتراس والبطش ، ستراها وقد جمعت في محفل واحد ، وكلّ