الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ).
«أزلفت» : من (زلف) على وزن (حرف) .. و «زلفى» : على وزن (كبرى) ، بمعنى القرب ، فيمكن أن يكون المراد هو : القرب المكاني ، أو القرب الزماني ، أو القرب من حيث الأسباب والمقدمات ، ويمكن أيضا أن تحمل الكلمة جميع ما ذكر من معان.
فستكون الجنّة قريبة من المؤمنين من حيث : المكان ، زمان دخولها ، من حيث تسهيل أسبابها لهم.
وقد تجلت مكانة المؤمنين عند الله حينما صرحّت الآية باقتراب الجنّة من المؤمنين ، ولم تقل : اقترب المؤمنين من الجنّة.
وكما قلنا آنفا ... فالجنّة والنّار موجودتان في كلّ وقت ، ولكن مع حلول يوم القيامة تكون الجنّة والنّار أشدّ اشتعالا من أي وقت مضى.
وتأتي الآية الأخيرة (من الآيات المبحوثة) لتتم ما جاء قبلها من جمل ، حيث تمثل جزاء الشرط للجمل السابقة والتي وردت في (١٢) آية : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ).
فستحضر أعمال الإنسان كاملة ، ولا من محيص من العلم والاطلاع بها في عالم الشهود والمشاهدة.
وقد ذكر القرآن الكريم هذه الحقيقة مرات عديدة في آيات مباركات ، منها ... الآية (٤٩) من سورة الكهف : (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) ، والآية الأخيرة من سورة الزلزال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
فالآية إذن ... تبيّن مسألة (تجسم الأعمال) في يوم القيامة ، فأعمالنا التي نتصورها قد انتهت وفنت في عالمنا الدنيوي ، هي ليست كذلك ، فكل عمل قمنا به سيتجسم بصورة ما ، ليحضر أمام أعيننا في عرصة المحشر الرهبية.
* * *