للحياة من جديد.
وتجسّد الآية التالية جواب القسم للآيات السابقة : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ).
فالجواب موجّه لمن اتّهم النبّي صلىاللهعليهوآلهوسلم باختلاق القرآن ونسبته إلى الباري جلّ شأنه.
وقد تناولت وما بعدها خمسة أوصاف لأمين وحي الله جبرائيل عليهالسلام ، وهي الأوصاف التي ينبغي توفرها في كلّ رسول جامع لشرائط الرسالة ...
فالصفة الأولى : إنّه «كريم» : إشارة إلى علو مرتبته وجلالة شأنه.
ومن صفاته أيضا : (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (١).
«ذي العرش» : ذات الله المقدّسة. مع أنّ الله مالك كلّ عالم الوجود ، فقد وصف «بذي العرش» لما للعرش من أهمية بالغة على على غيره (سواء كان العرش بمعنى عالم ما وراء الطبيعة ، أو بمعنى مقام العلم المكنون).
أمّا وصفه بـ «ذي قوّة» (أي : صاحب قدرة) ، لما للقدرة العظيمة والقوّة الفائقة من دور مهم وفعّال في عملية حمل وإبلاغ الرسالة ، وعموما ... ينبغي لكل رسول أن يكون صاحب قدرة معينة تتناسب وحدود رسالته ، وعلى الإخلاص في مجال عدم نسيان ما يرسل به.
«مكين» : صاحب منزلة ومكانة ، وبدون ذلك لا يتمكن الرسول من أداء رسالته على أتمّ وجه ، فلا من كونه شخصا جليلا ، لائقا ، ومقربا للمرسل.
وممّا لا شك فيه إنّ التعبير بـ «عند» لا يراد منه الحضور المكاني ، لأنّ الباري جل شأنه لا يحده مكان ، والمراد هو الحضور المقامي والقرب المعنوي.
وتتناول الآية التالية الصفة الرابعة والخامسة : (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ).
«ثمّ» : إشارة إلى البعيد ، ويراد بها : إنّ أمين الوحي الإلهي نافذ الكلمة في
__________________
(١) «مكين» : (المكانة) ، وهي المقام والمنزلة ، وما يستفاد من مفردات الراغب وغيره من المفسّرين ، إنّه اسم مكان من (الكون) ولكثرته في الكلام فقد استعمل على صيغة الفعل فقيل : (تمكن) و (تمسكن).