فقد واجه جميع أنبياء الله عليهمالسلام هذا الافتراء الفارغ من قبل جهلة وكفرة عصورهم ، وقد حدثنا القرآن الكريم بتلك الوقائع : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (١).
فالعاقل في منطق الجاهلية ، من يخضع للعادات والتقاليد المعاشة وإن كانت فاسدة منحطة ، ومن يطلق لجماح أهواءه وشهواته العنان ، ومن لا يفكر بأيّ إصلاح أو تغيير لأنّه خروج على السائد المتعارف عليه!
وبناء على هذا المقياس الأعمى ... فكلّ الأنبياء في نظر عبدة الدنيا مجانين ...
ويؤكّد القرآن على الارتباط الوثيق ما بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجبرائيل عليهالسلام : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) ، وهو «الأفق الأعلى» الذي تظهر فيه الملائكة ، حيث شاهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جبرائيل عليهالسلام.
وقد استدلّ بعض المفسّرين بالآية (٧) من سورة النجم على التفسير أعلاه ، والتي تقول : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى).
ولكننا نرى أنّ الآية مع بقية آيات السورة تتحدث عن حقيقة أخرى ، فراجع إلى ما ذكرناه في تفسيرنا هذا.
وقال بعض : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد رأى جبرائيل عليهالسلام في صورته الحقيقة مرّتين ، الأولى عند بداية البعثة النبوية المباركة ، حيث ظهر له في الأفق الأعلى وقد غطى الشرق والغرب حتى بهر النبيّ بعظمة هيئته ، والثّانية رآه عند معراجه إلى السماوات العلى واعتبروا الآية المبحوثة إشارة لتلك الرؤيتين.
وثمّة من يذهب في تفسير الآية من كونها تشير إلى مشاهدة الله عزوجل بالشهود الباطني ، (ولمزيد من الإيضاح ، راجع ذيل الآيات (٥ ـ ١٣) من سورة النجم).
وتأتي الصفة الخامسة : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ).
__________________
(١) الذاريات : الآية ٥٢.