فتعجب المعتصم لجواب الإمام عليهالسلام وأمر أن تقطع يد السارق من مفصل اصول الأصابع ، كما قال الإمام عليهالسلام وذكرت في ذلك أحاديث كثيرة. (١)
ولكن الأحاديث المنقولة بها الشأن هي مرسلة غالبا ، أو أنّ سندها ضعيف ، وهناك نقائض لها ليس من السهل الإجابة عليها ، فمثلا ما هو مشهور في أوساط الفقهاء أنّ السارق إذا ما سرق للمرّة الثّانية تقطع الأقسام الأمامية لقدمه ، ويتركون كعب القدم سالما (هذا بعد إقامة الحدّ عليه جزاء السرقة الاولى) والواضح أنّ الأصبع الكبير للقدم يعتبر من المساجد السبعة ، وكذا في شأن المحارب فإنّ إحدى عقوباته هو مقطع قسم من اليد والقدم.
ثالثا : قيل إنّ المراد بالمساجد هو السّجود ، أي أنّ السجود يجب أن يكون دائما لله تعالى ولا يكون لغيره ، وهذا خلاف ظاهر الآية حيث لا دليل عليه.
ويستفاد من مجموع ما قيل أنّ ما يناسب ظاهر الآية هو التّفسير الأوّل ، وكذا يناسب ظاهر الآيات السابقة واللاحقة في شأن التوحيد ، وتخصيص العبادة لله ، والتّفسير الثّاني يمكن أن يكون موسعا لمعنى الآية ، وأمّا الثّالث فلا دليل عليه.
ويضيف في إدامة الآية بيانا عن التأثير غير العادي للقرآن المجيد وقيام الرّسول للدّعاء فيقول : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (٢) ، أي عند ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم للصلاة ، فإنّ طائفة من الجن كانوا يجتمعون عليه بشكل متزاحم.
«لبد» : على وزن (فعل) وتعني الأشياء المجتمعة المتراكمة ، وهذا التّعبير بيان لتعجب الجنّ ممّا يشاهدونه من عبادته صلىاللهعليهوآلهوسلم وقراءته قرآنا لم يسمعوا كلاما يماثله ، وقيل في ذلك قولان آخران :
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٣٩ و٤٤٠
(٢) ما يطابق هذا التّفسير وكون هذه الآية من حديث مؤمني الجنّ فإنّ إتيان الضمير الغائب بدل المتكلم هو من باب الالتفات ، أو من باب أنّ بعضهم يبيّن حال البعض الآخر.