مع قول أبي نواس : [من الرمل المجزوء]
وإذا مجّ القنا علقا |
|
وتراءى الموت في صوره |
راح في ثنيي مفاضته |
|
أسد يدمى شبا ظفره |
تتأيّى الطّير غدوته |
|
ثقة بالشّبع من جزره (١) |
المقصود البيت الأخير.
وحكى المرزباني قال : «حدثني عمرو الورّاق قال : رأيت أبا نواس ينشد قصيدته التي أولها : [من الرمل المجزوء] أيّها المنتاب عن عفره (٢) فحسدته ، فلما بلغ إلى قوله :
تتأيّى الطّير غدوته |
|
ثقة بالشّبع من جزره (٣) |
قلت له : ما تركت للنابغة شيئا حيث يقول : «إذا ما غدا بالجيش» ، البيتين ، فقال : اسكت ، فلئن كان سبق فما أسأت الأتباع».
وهذا الكلام من أبي نواس دليل بيّن في أن المعنى ينقل من صورة إلى صورة.
__________________
(٢٥ / ١٢٠) ، والأول منهما في خزانة الأدب (٤ / ٢٨٩) ، والشعر والشعراء (ص ١٧٥) ، ولسان العرب (عصب) ، (حلق) ، وبلا نسبة في شرح التصريح (٢ / ٢٢٧) ، وشرح المفصّل (١ / ٦٨).
والثاني : في أساس البلاغة (جنح) ، ومقاييس اللغة (٣ / ٩٩). وفي الأول : عصائب : الجماعة من الطير. أي : أن الجوارح من الطيور تحلّق فوق القتلى لتنال منهم. وفي الثاني : جوانح : أي : مائلات. وهذه القصيدة مطلعها :
كليني لهم يا أميمة ناصب |
|
وليل أقاسيه بطيء الكواكب |
قالها يمدح فيها عمرو بن الحارث الأصفر بن الحارث الأعرج حين لجأ إليه في الشام.
(١) الأبيات في الديوان (ص ٦٦) ، والأغاني (٢٥ / ١١٨) من قصيدة له مطلعها :
أيها المنتاب من عفره |
|
لست من ليلى ولا سمره |
يمدح العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر المنصور. والمفاضة : الدرع الواسعة. والشبا : اسم جمع لشباة وهي إبرة العقرب شبه بها ظفره والمراد قوته. والبيت الأخير من قولهم : تركوهم جزرا للسباع : أي : قطعا من جزر الشيء يجزره جزرا : قطعه ، وجزر الناقة : نحرها وقطّعها ، وفي هذا قال عنترة في ابني ضمضم :
إن يفعلا فلقد تركت أباهما |
|
جزر السباع وكل نسر قشعم |
وتأيى الشخص : قصد شخصه وتعمّده ، والتأيّي : التنظّر والتّؤدة وتأيّيت عليه : تثبّت وتمكثت.
(٢) مطلع قصيدة لأبي نواس وعجز البيت :
لست من ليلى ولا سحره
(٣) سبق تخريجه.