يبدو أنهم اتفقوا على أمر معين واخفوه ، ولم يكن اتفاقهم على باطل ، لأنهم كانوا متفقين عليه منذ السابق.
يقول بعض المفسرين : إن السحرة اتفقوا على أنه لو غلبهم موسى خضعوا له ، وقد كان هذا المنظر مثيرا ، لأن السحرة يعتبرون كيدا لفرعون ، وأداة ينفذ بها مآربه ، وها هم يناجي الواحد منهم الآخر ، خشية بطش فرعون ، وتتضح هنا تبعية العلم للقوة.
[٦٣] (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى)
يبدو إنّ المعارضة كانت موجودة ، وان الطاغوت كان خائفا من أن يميل الشعب تجاه موسى ، ولذلك كان يريد أن يخلق البعد النفسي بين الشعب ومنقذيه ، فادعى أن موسى وهارون يستخدمان السحر للوصول الى أهداف سياسية ، بل أهداف إجرامية تتمثل في إخراجكم من أرضكم ، وهذا ما يعمله الطغاة عند ما يريدون أن يواجهوا تجمعا أو حركة حيث يربطون تحركهم بما يكره الناس ، ثمّ بعد أن اتهموا موسى (ع) بأنه ساحر أضافوا كلمة أخرى وهذه الكلمة لا يقولها عادة إلّا مرتزقة الأنظمة من علماء السوء حيث قالوا : بأن موسى وهارون يريدان أن يذهبا بطريقتكم المثلى ـ أي إن هؤلاء يريدان أن يخرجاكم من دينكم وقيمكم ، وهذا ما يقوم به علماء السوء في كلّ عصر ومصر ، إنهم يدّعون بأن الثوار يريدون هدم مقدسات الأمة.
[٦٤] (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا)
ولا يعني ذلك إن الطغاة يدعمون الوحدة ، بل يريدون صنع وحدة مزيفة تقف حجر عثرة أمام الرساليين ، وعلماء السوء يؤكدون على ضرورة الوحدة حتى تلك