إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٣)
ولعلنا نستوحي من آيات الذكر ان الذين يتخذون الدين وسيلة لابتزاز الآخرين واستغلالهم ، أو مطيّة للمصالح والأهواء ، لا يفهمون الدين فهما حقيقيا وعميقا ـ لأنه لا يفهمه الا من كان محسنا ، بعيدا عن شهواته واهوائه ـ ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (٤)
وبالرغم من أن الجميع يطمحون الى الإحسان ، الا أنهم يجدون أيديهم وأنفسهم مقبوضة عن العطاء حينما ينزلون إلى ساحة العمل ، فكيف نخلق صفة الإحسان في أنفسنا؟!
بالصلاة لأنها تخلق في الإنسان دوافع الإحسان ، وبالزكاة لأنها تطهر القلب من حب الذات كما تطهر المال ، وكذلك باليقين ، فكلما تأكدت الحقائق عند الإنسان كاليقين بالموت وبما بعده من الجزاء كلّما كان أكثر إحسانا للآخرين ، إذ يتأكد بان ما يعطيه لا يذهب سدى ، بل يعود إليه في صورة جنات أعدها الله للمتقين ، فهو آنئذ لا يعتبر المغنم ما يصرفه على نفسه ، بل المغنم كل المغنم هو ما ينفقه في سبيل الله.
وفي السيرة ان رسول الله (ص) ذبح شاة وتصدّق بها ولم يبق الا الكتف ، فقالت له عائشة : لم تبق الا الكتف يا رسول الله! فقال (ص) : لم يذهب الا الكتف ، لأنه يعلم بان ما يأكلونه يتنعمون به وينتهي ، بينما يبقى ما يعطونه صدقة في سبيل الله ، وينفعهم في يوم لا ينفع فيه الا العمل الصالح.
__________________
(٣) الأعراف / (٥٦).
(٤) الإسراء / (٨٢).