وعكك أو حماك؟! فقال :
«ما منعني ذلك ان قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطوال»
فقال عمر : يا رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، وأنت تجتهد هذا الاجتهاد؟! فقال :
«يا عمر! أفلا أكون عبدا شكورا» (١٦)
سادسا : القناعة بما يجده المرء ، والابتعاد عن الحرص والشره. ان الشكر ليس وليد الرضا بأمر الله فقط ، وانما يساهم ـ أيضا ـ في تنمية روح الرضا والقناعة ، ويجعل الإنسان يركز أبدا على الجوانب الإيجابية للحياة ، ويتمتع بها ، ويستفيد منها ، وينطلق للحصول على المزيد منها بخطي ثابتة وواقعية ونفس راسخة العزم وهو مطمئن البال.
والقصة الطريفة التالية تعكس طبيعة النظرة الإيجابية عند أولياء الله الشاكرين ، فهذا الصحابي الجليل سلمان (الفارسي) يدعو أبا ذر رحمة الله عليهما ذات يوم الى ضيافة ، فيقدم اليه من جرابه كسرة يابسة وبلها بركوته.
فقال أبو ذر : ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح ، فقام سلمان وخرج ورهن ركوته بملح وحمله اليه ، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح ، ويقول : الحمد لله الذي رزقنا هذه القناعة ، فقال سلمان : لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة. (١٧)
__________________
(١٦) المصدر / ص (٤٨).
(١٧) المصدر / ص (٤٦).