الصبر هدى وظفر :
والصبر ـ كما الشكر ـ تجلّ لروح الإيمان عند النوائب ، وفي لحظات عصف الشهوات ، وعند تحمل الصعاب.
والآية تربط بين الصبر والشكر ، وتجعلهما وجهان لروح واحدة ، كما يتبيّن ان آيات الله تتجلى عند أصحاب هذه الروح.
بلى. لأن النفس التي تنساب مع النعم أو النقم لا تملك استقلالية في الرأي ، ولا وضوحا في الرؤية ، لأنها تميل مع رياح الظروف أنّى مالت ، فاذا عصفت بها الشهوات طغت وتجبرت ، واستأثرت بالنعم ، وتعالت على الآخرين ، وإذا توالت عليها المصائب انهارت وأظلمت الدنيا عندها وجزعت ، لذلك تتجلى الآيات الإلهية للصبار الشكور أكثر من غيره.
والواقع ان الصبار الشكور هو الحرّ حقّا ، الذي ينظر الى الحقائق نظرة موضوعية ومجردة عن المصالح.
جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق عليه السلام :
«ان الحر حر على جميع أحواله ان نابته نائبة صبر لها ، وان تداكّت عليه المصائب لم تكسره ، وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمين لم يضرر حريته ان استعبد وقهر وأسر ، ولم يضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن منّ الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان مالكا فأرسله ورحم به أمة ، وكذلك الصبر يعقب خيرا ، فاصبروا ووطّنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا» (١٨)
__________________
(١٨) المصدر / ص (٦٩).