هكذا الصبر عنوان الإنسان الحر ، ومفتاح الفرج بعد الشدة ، وهو ـ كذلك ـ صلاح العمل. أو ليس الزمان جزء من فطرة الخليقة؟! فمن لا صبر له لا يمكنه ان يوظف عامل الزمن لمصلحته ، فيكون سببا لفساد أعماله. أرأيت الفلاح الذي لا ينتظر الموسم المناسب لزراعته ، والتاجر الذي لا يصبر حتى تزدهر السوق لبيع سلعته ، والثائر الذي يستعجل تفجير ثورته. أو ليس يفشل هؤلاء ، بينما ينجح الصابرون؟! بلى. كذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام للرجل الذي رآه على باب المسجد كئيبا حزينا فقال له : مالك؟! قال : يا أمير المؤمنين أصبت بابي وأخي ، وأخشى ان أكون قد وجلت ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):
«عليك بتقوى الله ، والصبر تقدم عليه غدا وأضاف الامام (ع) قائلا : والصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد ، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور» (١٩)
وبالذات الايمان فان رأسه الصبر ، لأن أعظم خصائص الايمان الاستثمار لليوم الآخر ، ولا يبلغه من لا صبر له.
يقول الامام علي بن الحسين عليهما السلام :
«الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا ايمان لمن لا صبر له» (٢٠)
وحقيقة الصبر الاستفادة من عامل الوقت ، واستشراف المستقبل ، والتخطيط له ، وتوظيف الطاقات لأجله ، وبالنسبة إلى المؤمن يعتبر اليوم الآخر الحياة الحقيقية ، ولذلك فهو يعمل له أبدا ، ولكنه يقتطع من كل مساعيه جزء مناسبا
__________________
(١٩) المصدر / ص (٧٣).
(٢٠) المصدر / ص (٨١).