ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به ـ صلى الله عليه وآله ـ من لدن ان كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل اثرامه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وخديجة وانا ثالثهما ، ارى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة» (١)
ولم يكن هذا الحديث كلاما كتبه الامام (ع) في كتاب وأبقاه لتقرأه الأجيال ، انما هي خطبة ألقاها أمام عامة المسلمين ، وصدقوه جميعا ، ولم يرد في التاريخ ان أحدا قد كذبه في ذلك.
والعلاقة بين آية التأسي وهذه الآية : انه كما تجب طاعة الله والرسول على نساء النبي والمسلمين ، تجب كذلك طاعة أهل بيته الذين تعنيهم الآية وهم الأئمة (ع) الذين اذهب الله عنهم الرجس ، وطهرهم بالعلم والتقوى والعصمة.
الثانية : علاقتها العامة بالآيات السابقة حول نساء النبي ـ ومنهن المرأة المسلمة ـ فهذا الاهتمام والتركيز الذي يوليه الإسلام للمرأة في صورة تعاليم تربوية واجتماعية وسياسية نابع من نظرة الدين لموقعها الحساس في المجتمع المسلم والأسرة المسلمة ، ودورها الخطير في مستقبلها ، فتحقيق هدف الإسلام ـ وهو بناء المجتمع النموذجي الذي ينطلق من الاسرة النموذجية ـ يبدأ من خلق المرأة الفاضلة.
ولعله لهذا السبب جاء الحديث عن البيت الفاضل الطاهر بعد مجموعة التعاليم
__________________
(١) نهج البلاغة / خ (١٣٤) / ص (٢٠٠).