(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ)
من نعم الله على الإنسان النظرة الايجابية الى الحياة ، والتي تنبع من الايمان بالله ، فالذي يؤمن بالله يجد ان الحياة تبتسم له ، وإذا رأى مشاكل الحياة فانه يتجاوزها بسهولة ، اما الكافر فان سحبا سوداء تكتنف قلبه ، فلا يبتسم لنور الشمس ، ولا لنعم الحياة ، والقرآن يثير فينا الاحساس بالجمال فيما يحيط بنا من حقائق ، أو تترى علينا من ظواهر.
ان الإنسان مفطور على حب الجمال ، وان مظاهر الطبيعة الرائعة غذاء مريء لروحه الحساس ، ولكن هذه الفطرة قد تدس في تراب العقد النفسية ، والانشداد الى المشاكل اليومية ، والغرق في طوفان الأوهام والتمنيات.
وهكذا نحتاج الى ما يدغدغ هذه الفطرة حتى يوقظها وينميها ، وهذه مسئولية الفن والأدب.
وآيات القرآن تثير فطرة الجمال في قلوب المؤمنين وتنميها ـ كما تنمّي نوازع الخير والفضيلة جميعا ـ حتى تغدو تلك القلوب تعيش مهرجان الحب ، وتستريح الى همسات الطبيعة التي تحدثها حفيف الأشجار وتلاعب المياه عند الشواطئ والغدران.
الا ترى كيف يحدثنا الرب عن المبشرات من الرياح التي تنطلق من المنخفضات الجوّية وتنساب بين الصخور والأحجار ، وتهب على أولئك المزارعين الذين مزّق اعصابهم طول انتظار الغيث ، وقد صرفوا أسابيع من عمرهم جاهدين لاستصلاح الأرض وزراعتها؟! بلى .. ها هي الرياح تأتي مبشرة بالسحب الخيرة ، وإذا بقطعات السحب تتسابق وتتكاثف وتحتك وتعلن عن نفسها بالبرق والرعد ،