الباب السادس
فى المجاورة بمكة ، والموت فيها ، وشىء من فضل أهلها ، وفضل جدة ساحل مكة ، وشىء من خبرها ، وفضل الطائف وشىء من خبره (١).
اختلف العلماء فى استحباب المجاورة بمكة.
فذهب إلى استحبابها الشافعى ، وأحمد ، وأبو يوسف ومحمد بن الحسن ، صاحبا أبى حنيفة ، وابن القاسم صاحب مالك ، فيما نقله عنه ابن الحاج ، وذهب أبو حنيفة إلى عدم استحبابها.
وفهم ذلك ابن رشد من كلام وقع لمالك ، وذلك لخوف الملل ، وقلة الاحترام لمداومة الأنس بالمكان ، وخوف ارتكاب ذنب هنالك.
وذكر النووى فى الإيضاح : أن المختار استحباب المجاورة بمكة. انتهى.
وأما الموت بمكة : فروى من حديث ابن عمر رضى الله عنهما ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «من مات بمكة فكأنما مات فى سماء الدنيا». وإسناده ضعيف.
وروى عن النبى صلىاللهعليهوسلم ـ مرسلا ـ أنه قال : «من مات بمكة بعثه الله فى الآمنين يوم القيامة». وسيأتى شىء من فضل مقبرة المعلاة عند ذكرها.
وأما فضل أهل مكة : فروينا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتّاب بن أسيد على مكة ، فقال له : هل تدرى إلى من أبعثك؟ أبعثك إلى أهل الله». أخرجه الزبير بن بكار فى كتاب النسب ، والفاكهى. ورواه الأزرقى مرسلا. وزاد فيه : «فاستوص بهم خيرا» يقولها ثلاثا.
ووجدت بخط بعض أصحابنا ـ فيما نقله من خط الشيخ أبى العباس الميورقى ـ وزاد: «إن سفهاء مكة حشو الجنة».
واتفق بين عالمين فى الحرم منازعة فى تأويل الحديث وسنده ، فأصبح الذى طعن فى الحديث ومعناه : قد طعن أنفه واعوج. وقيل له : إى والله ، سفهاء مكة من أهل الجنة ، سفهاء مكة من أهل الجنة ، سفهاء مكة من أهل الجنة. فأدركه روع ، وخرج إلى الذى
__________________
(١) انظر : (شفاء الغرام ١ / ٨٤ ـ ٨٨).