الباب الثامن والعشرون
فى ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة ، وشىء من خبره ، وذكر ولاية بنى إياد بن نزار الكعبة ، وشىء من خبرهم وخبر مضر ، ومن ولى الكعبة من مضر قبل قريش (١).
أما ولاية إياد : فقال الزبير بن بكار : حدثنا عمر بن أبى بكر الموصلى عن غير واحد من أهل العلم بالنسب ، قالوا : لما حضرت نزار الوفاة ، آثر إيادا بولاية الكعبة ، وأعطى مضر ناقة حمراء ، فسميت : مضر الحمراء ، وأعطى ربيعة الفرس فرسه ، فسمى : ربيعة الفرس ، وأعطى أثمار ، جارية تسمى : بجيلة ، فحضنت بنيه ، فسموا : بجيلة أثمار.
ويقال : أعطى إيادا عصاه وحلته.
ورأيت لإياد بن نزار وإخوته المشار إليهم خبرا يستظرف فى ذكائهم ومعرفتهم بما أخبروا به من صفة البعير الذى سئلوا عنه مع كونهم لم يروه ، وغير ذلك.
وأما ولاية بنى إياد بن نزار الكعبة : فذكر الفاكهى فيها خبرا طويلا.
فيه : ثم وليت حجابة البيت إياد ، وكان أمر البيت إلى رجل منهم يقال له : وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد ، ثم قال ـ بعد أن ذكر شيئا من خبره ـ : ثم إن مضر أديلت بعد إياد.
وكان أول من ديل منهم : عدوان وفهم ، وأن رجلا من إياد ورجلا من مضر خرجا يتصيدان فمرت بهما أرنب ، فاكتنفاها يرميانها ، فرماها الإيادى ، فنزل سهمه ، فنظم قلب المضرى فقتله. فبلغ الخبر مضر ، فاستغاثت بفهم وعدوان يطلبون لهم قود صاحبهم ، فقالوا : إنما أخطأه ، فأبت فهم وعدوان إلا قتله ، فتناوش الناس بينهم بالمدور ـ وهو مكان ـ فسمت مضر من إياد ظفرا ، فقالت لهم إياد : أجلونا ثلاثا ، فلن نساكنكم أرضكم ، فأجلوهم ثلاثا ، فظعنوا قبل المشرق.
وكانوا حسدوا مضر على ولاية الركن الأسود فدفنوه ، بعد أن لم يحملوه على شىء إلا رزح.
__________________
(١) انظر : (شفاء الغرام ٢ / ٢٤ ـ ٣٠).