وحشدوا ، وكان رئيسهم مالك بن عوف النضرى ، وله ثلاثون سنة. فوصلها صلىاللهعليهوسلم مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال. ورأى أبو بكر رضى الله عنه ـ وقيل : غيره ـ كثرة العساكر ، فقال : لن نغلب اليوم من قلة. ولما تصافوا للقتال ظاهر صلىاللهعليهوسلم بين درعين وركب بغلة له بيضاء تسمى : دلدل. فشد عليهم الكفار شدة واحدة ، فانكشفت خيل بنى سليم وتبعهم أهل مكة والناس ، ولم يثبت معه حين ذاك إلا عشرة ، وقيل : ثمانية.
ونادى العباس رضى الله عنه بالناس فأقبلوا ، وتناول صلىاللهعليهوسلم قبضة من التراب ، وهو على ظهر بغلته فاستقبل بها وجوه الكفار ، فلم يبق عين إلا دخل فيها من ذلك التراب. فأنزل الله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧].
واستشهد من المسلمين أربعة. وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا وأفضى المسلمون فى القتل إلى الذرية. فنهاهم عن ذلك.
ونادى مناديه صلىاللهعليهوسلم : «من قتل قتيلا فله سلبه».
وبعث صلىاللهعليهوسلم عبيدا أبا عامر الأشعرى ، حين فرغ من حنين إلى أوطاس ، لطلب دريد ابن الصمة وأصحابه ، فهزمهم وقتلهم ، وقتل أبو عامر بعد قتله جماعة منهم. وكان فى السبى : الشيماء أخته صلىاللهعليهوسلم من الرضاعة.
سرية ذى الكفين
ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسى ، فى شوال إلى ذى الكفين ـ صنم من خشب ، كان لعمرو بن حممة ـ فهدمه. وقدم معه من قومه أربعة مسلمين على النبى صلىاللهعليهوسلم بالطائف.
غزوة الطائف (١)
ثم غزوة الطائف فى شوال ، فمر فى طريقه بقبر أبى رغال ، وهو أبو ثقيف ، فيما يقال. فاستخرج منه غصنا من ذهب.
وحاصر صلىاللهعليهوسلم الطائف ثمانية عشر يوما. وقيل : خمسة عشر يوما. وقيل : عشرون.
وقال ابن حزم : بضع عشرة ليلة.
ونصب عليهم المنجنيق ، وهو أول منجنيق رمى به فى الإسلام. وكان قدم به الطفيل الدوسى معه.
__________________
(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٤١ ، مغازى الواقدى ٣ / ٩٢٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١١٤ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٨٢ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٤٧٨ ، السيرة النبوية الصحيحة ٥٠٧ ـ ٥٢١).