الباب الثانى والثلاثون
فى ذكر شىء من أخبار قريش بمكة فى الجاهلية ، وشىء من فضلهم ، وما وصفوا به ، وبيان نسبهم وسبب تسميتهم بقريش وابتداء ولايتهم الكعبة وأمر مكة (١).
أما فضلهم ، فمنه : قول النبى صلىاللهعليهوسلم : «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة ـ الحديث». وهو فى مسلم من رواية واثلة بن الأسقع عنه.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إن هذا الأمر فى قريش ، ولا يعايهم أحد إلا كبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين». وهذا فى صحيح البخارى.
وأما ما وصفت به بطون قريش بأن بعضهم يعرف «بقريش البطاح» ، وهم «بنو كعب بن لؤى» لأن قريشا حين قسموا بلادهم أصابت كعب الأباطح ، وبعضهم يعرف بقريش «الظواهر» وهم : محارب والحارث ابنا فهر ، وبنو عامر بن لؤى ، والأدرم ابن غالب ، وبقية قريش إلا أن الحارث بن فهر دخل مكة من البطاح ، وبعضهم يعرف «بقريش العارية» ، وهم : ولد سامة بن لؤى بن غالب بن فهر ، وبعضهم يعرف «بقريش العائدة» وهم : بنو خزيمة بن لؤى بن غالب بن فهر.
وأما نسب قريش : فاختلف فيه ، فقيل : إنهم من ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. ورجحه الزبير بن بكار وغيره. وقيل : إنهم من ولد النضر بن كنانة. ورجحه النووى. والله تعالى أعلم.
وأما سبب تسميتهم : بقريش ، فقيل : سموا قريشا من التقرش ، والتقرش : التجارة والاكتساب. وقيل : لتفتيشهم عن حاجة الناس ، وسدهم لها. وقيل : بتجمعها من تفرقها. وقيل : غير ذلك. والله أعلم.
وأما ابتداء ولاية قريش للكعبة المعظمة وأمر مكة : فسببه قصى بن كلاب بن مرة بن لؤى بن غالب. وذلك : أن الحليل بن حبشية جعل ذلك لقصى حين حضرته الوفاة. وكان قصى قد تزوج ابنته حبى ، وولد له منها عبد الدار ، وعبد مناف ، وعبد العزى ، وعبد بنو قصى.
__________________
(١) انظر : (شفاء الغرام ٢ / ٦٠ ـ ٧٤).