الباب الأول
فى ذكر مكة المشرفة ، وحكم بيع دورها وإجارتها (١)
مكة المشرفة : بلدة مستطيلة كبيرة ، تسع من الخلائق ما لا يحصيهم إلا الله تعالى ، فى بطن واد مقدس ، والجبال محدقة بها كالسور لها.
ولها ـ مع ذلك ـ ثلاثة أسوار : سور فى جهة المشرق ، يعرف بسور باب المعلاة ؛ لأنه فى أعلاها ، وسور فى جهة المغرب والمدينة النبوية ، يعرف بسور باب الشبيكة ، وسور فى جهة اليمن ، ويعرف بسور باب اليمن وباب الماجن.
وكان جدر هذا السور وجدر سور باب المعلاة : غير كاملين بالبناء ، وكانا قصيرين عن القامة ، فعمرا حتى زادا على القامة ، وتكمل بناؤهما إلا موضعا فى سور باب المعلاة ؛ لأن ما تحته مهواة.
وهذه العمارة فى النصف الثانى من سنة ست عشرة وثمانمائة ، من قبل السيد حسن ابن عجلان ، بعد أن هجم مكة ـ فى غيبته عنها ـ ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة.
ثم أخربت من سور باب المعلاة مواضع ، وأحرق بابه ؛ لفتنة كانت بين أميريها المذكورين ، فى خامس عشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة.
ثم أعيد بناء ما تخرب ، وعمل باب حديد ، وذلك فى شوال وذى القعدة من السنة المذكورة.
ثم خرب جانب من سور باب المعلاة بين البابين اللذين فى السور المذكور ، ثم جانب من سور باب الماجن ، من سيل كان بمكة فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
وعمر ذلك كله فى أوائل سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.
وكان الخراب فى سور باب المعلاة فى آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة من سيل.
ذرع مكة من باب المعلاة إلى باب الماجن : أربعة آلاف ذراع وأربعمائة ذراع واثنان
__________________
(١) انظر : (شفاء الغرام ١ / ١٠).