بالقاهرة ، فأمن الناس بمكة ، وقطع بعض نخيل إخوته الملائمين لأخيه عطيفة ، وبعد خروج مبارك من مكة بقليل ، التقى أخوه مسعود والقواد العمرة ، ومعهم ثقبة بن رميثة فى جهة اليمن ، وكانوا هناك يرعون ، فقتل مسعود بن عطيفة ، واثنا عشر رجلا من أصحاب مبارك ، ولم يحضر مبارك هذا الحرب ، لأنه كان فى ناحية عنهم.
ولما سمع بما تم على أصحابه من القتل ، ولّى منهزما مع صاحب له على فرسين سابقين ، فسيق خلفهما فلم يلحقا.
فلما كان سنة ثمان وثلاثين ، تعرض مبارك للجلاب الصادرة من مكة ، فنهبها وأخذ جميع ما فيها من الأموال ، وأصرفها على زبيد وكنانة ، واستنجدوا به على أحمد بن سالم صاحب حلى ، فحضر إليه مبارك ، والتقوا مع صاحب حلى ، فانكسر صاحب حلى ، ونهب مبارك ومن معه بيته وحلى ، واستنجد صاحب حلى برميثة ، فأنجده ومكنه من البلاد فسكنها.
وما عرفت شيئا من حال مبارك بعد ذلك ، سوى أنه توجه إلى سواكن وملكها ، ومات بها فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة شهيدا ، من حربة رماه بها بعض العبيد ، وخلّف ولدا أسود اسمه منصور ، يأتى ذكره.
ومبارك بن عطيفة هذا ، ممن اتّهم بقتل الأمير ألدمر ، أمير جاندار الناصرى المقدم ذكره ، والله أعلم.
وللأديب يحيى بن يوسف المكى المعروف بالنشو ، فى الشريف مبارك بن عطيفة هذا مدائح كثيرة ، منها قصيدة أولها [من الكامل] :
قسما عليك بلحظك الفتاك |
|
من ذا بقتلى فى الهوى أفتاك |
لولاك لم يهو العذيب وبارقا |
|
فالبرق ثغرك والعذيب لماك |
أخجلت بدر التّمّ عند كماله |
|
وفضحت غصن البان فى ممشاك |
ومخلّصها :
حزت الملاحة مثل ما حاز العلا |
|
مبارك بن عطيفة مولاك |
نجل النبى محمد وسليله |
|
من منبت الشرف الرفيع الزاكى |
يحكى عليا جده ليث الوغى |
|
فى يوم مكرمة ويوم عراك |
لو لا سطاه لما دعاه عدوه |
|
عوضا عن السفاح بالسفاك |
لو لم تمت أعداؤه من سيفه |
|
ماتوا من الأخواف والأدراك |