كنانة. وقال قوم ، منهم إبراهيم بن المنذر : اسمه المغيرة. وقال آخرون : بل اسمه كنيته. والمغيرة أخوه ، كان وأبو سفيان بن الحارث من الشعراء المستوفين وكان سبق له هجاء فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإياه عارض حسان بن ثابت رضى الله عنه بقوله (٢) :
ألا أبلغ أبا سفيان عنى |
|
مغلغلة فقد برح الخفاء |
هجوت محمدا فأجبت عنه |
|
وعند الله فى ذاك الجزاء |
ثم أسلم فحسن إسلامه. فقيل : إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حياء منه ، وكان إسلامه عام الفتح قبل دخول رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، لقيه هو وابنه جعفر بن أبى سفيان بالأبواء ، فأسلم ، وشهد أبو سفيان حنينا ، فأبلى فيها بلاء حسنا. وكان ممن ثبت فلم يفر يومئذ ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى انصرف الناس إليه. وكان يشبه النبى صلىاللهعليهوسلم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحبه ويشهد له بالجنة ، وكان يقول : أرجو أن يكون خلفا من حمزة. وكان معدودا فى فضلاء الصحابة رضى الله عنهم.
وروى عفان عن وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أبو سفيان بن الحارث من شباب أهل الجنة ، أو سيد فتيان أهل الجنة.
ويروى عنه أنه لما حضرته الوفاة قال : لا تبكوا علىّ فإنى أنتطف بخطية منذ أسلمت.
وروى أبو حبة البدرى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أبو سفيان خير أهلى ، أو من خير أهلى.
وقال ابن دريد وغيره من أهل العلم بالخبر : إن قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «كل الصيد فى جوف الفرا» أنه أبو سفيان بن الحارث ، ابن عمه هذا. وقد قيل : ذلك كان منه صلىاللهعليهوسلم فى أبى سفيان بن حرب. فالله أعلم.
قال عروة : وكان سبب موته أنه حج فلما حلق الحلاق رأسه قطع ثؤلولا كان فى رأسه فلم يزل مريضا منه حتى مات ، بعد مقدمه من الحج بالمدينة ، سنة عشرين ، ودفن فى دار عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه ، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وقيل : بل مات ، أبو سفيان بن الحارث بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعة
__________________
(٢) البيتان فى : (الاستيعاب ترجمة ٣٠٣٢ ، الإصابة ترجمة ١٠٠٢٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٩٦٦).