بسم الله الرحمن الرحيم. ربّ أعن يا كريم ، إن رأى الشيخ الأجل العالم العلامة ، أدام الله توفيقه ، أن يجيز جميع مسموعاته وإجازاته ورواياته ، وما ألفه فى فنون العلم ، وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر ، لأحمد بن محمد بن أحمد السلفى الأصبهانى ، ويذكر مولده ونسبه ، إلى أعلى أب يعرفه ، ويثبت كل ذلك بخطه تحت هذا الاستدعاء ، مضافا إليه ذكر ما صنفه ، وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم ، وما سمع عليهم من أمهات المهمات ، حديثا كان أو لغة أو نحوا أو بيانا فعل مثابا ، وإن تم إنعامه بإثبات أبيات قصار ، ومقطوعات ، مستفادة فى الحكم والأمثال والزهد ، وغير ذلك من نظمه ، ومما أنشده شيوخه من قبلهم ، أو من قبل شيوخهم ، بعد تسميته كلّا منهم ، وإضافة شعره إليه. والشرط فى كل هذا ، أن يكون بالإسناد المتصل إلى قائله ، كان له الفضل.
وكذلك إن أصحبه شيئا من رواياته ، وأنعم بكتب أحاديث عالية ، والله تعالى يوفقه ويحسن جزاءه ، ويطيل لنشر العلم والإفادة بقاءه. ويعلم وفقه الله تعالى ، أنه قد وقع إلينا كتاب من يعقوب بن شيرين الجندى إليه ، وفيه قصيدة يرثى بها البرهان البخارى ، والحاجة داعية إلى معرفة اسمه ونسبه وضبطه ، هل هو ابن شيرين بالشين المعجمة ، أو بالسين المهملة ، وكذلك الجندى ، بفتح الجيم والنون ، أو ضم الجيم وإسكان النون بعدها ، والحمد لله حق حمده ، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعبده ، وعلى آله وأصحابه أجمعين من بعده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فأجابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم غفرا ، أسأل الله أن يطيل بقاء الشيخ العالم ، ويديمه لعلم يغوص على جواهره ، ويفتق الأفئدة عن ذخائره ، ويوفقه للعمل الصالح ، الذى هو من أعراض العقل ، ومطمح أبصار المرابطين إلى غايات الفضل ، ولقد عثرت من مقاطر قلمه ، على جملة تتأدّى على غزارة بحره وتصبى القلوب إلى الدين بسموط دره ، وأما ما طلب عندى ، وخطب إلىّ من العلوم والدرايات ، والسماعات والروايات ، فثياب خلقت علىّ من بينهن الثياب ، ثم دفنتهنّ وحثوت عليهنّ التراب ، وذلك حين آثرت الطريقة الأويسية على سائر الطرائق ، وأخذت نفسى برفض الحجب والعوائق ، ونقلت كتبى كلها ، إلى مشهد أبى حنيفة ، فوقفتها وأصفرت منها يدى إلا دفترا ، قد تركته تميمة فى عضدى ، وهو كتاب الله الحبل المتين ، والصراط المبين ، لأهب ما قعدت بصدده كلّى ، وألقى عليه وحده ظلى ، لا يشغلنى عنه بعض ما يجعل الرأى مشتركا ، ويرد القلب مقتسما. ولذت بحرم الله المعظم ، وبيته المحرم ، وطلقت ما ورائى بتّا ، وكفتّ ذيلى عنه كفتا ، ما بى إلا همّ خويصتى ، وما يلهينى إلا النظر فى قصتى ، أنتظر داعى الله صباحا ومساء ، وكأنى بى وقد امتطيت الآلة الحدباء قد وهنت العظام