كله ، ويقال إن ذلك قوّم بستمائة ألف مثقال ذهبا ، والله أعلم.
ثم نهب ما فى جدة من الغلة المخزونة بها للأمير جركس الخليلى وإيتمش ، ولما وقع النهب فى المراكب ، حضر إلى جدة جماعة من الأشراف من أصحاب عنان ، منهم على ابن مبارك بن رميثة ، فأقبل عليه آل عجلان ، وأمّروه ، وجعلوا له نصف المتحصل من ذلك ، وأضافوا إليه جماعة منهم يكونون فى خدمته ، والنصف الثانى لعلى بن عجلان ، يتصرف فيه جماعته ، وعموا كلهم بالعطاء ، كل من حضر إليهم من الأشراف من أصحاب عنان ، ولم يبق بجدة شىء [.......](٢) أجمع رأيهم على المسير إلى مكة ، فتوجهوا إليها ثامن جمادى الأولى من سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، فلما بلغوا الركانى ، فارقهم على بن مبارك بن رميثة ، وقصد عنانا متخفيا ، ثم تبعه ابنه وغيره من إخوته ، فقصد آل عجلان البرابر من وادى مر ، وأقاموا بها ، وصار عبيدهم ينتشرون فى الطرقات ، ويختطفون ما يجدونه ، وأهل مكة فى خوف منهم ووجل.
فلما كان شعبان من سنة تسع وثمانين ، وصل إلى آل عجلان قاصد من الديار المصرية ، ومعه تقليد وخلعة لعلى بن عجلان بإمرة مكة ، عوض عنان ، فبعثه كبيش إلى عنان لإعلامه بذلك ، وإخلاء البلد لهم ، فأبى وصمم على قتالهم ، فجمع كبيش أصحابه القواد العمرة والحميضات ، وأصرف عليهم هو ومحمد بن بعلجد مالا عظيما ، من الزباد والمسك والإبل وغير ذلك ، وتوجهوا إلى مكة فى نحو مائة فارس وألف راجل ، فى آخر اليوم التاسع والعشرين من شعبان ، وأخذوا طريق الواسطية وساروا قليلا قليلا ، حتى أصبحوا فى يوم السبت الموفى ثلاثين من شعبان ، وهم بآبار الزاهر أو حولها ، فاقتضى رأى الشريف محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة ، النزول هناك يستريحون ، ويلحق بهم من يوادهم ، ممن هو مع عنان ، فى الليلة المسفرة ، فأبى ذلك كبيش ، وخشى من طول الإقامة ، وأن يصنع معه بنو حسن ، كما صنعوا معه بجدة أولا ، من أن كلا منهم يجير فى كل يوم من القتال ، وصمم على القتال فى ذلك اليوم ، وسار العسكر إلى مكة ، وأخذوا الطريق التى تخرجهم من الزاهر إلى شعب أذاخر.
فلما قطعوا الشعب ، افترق العسكر ، فأخذ الحميضات الطريق التى تخرجهم على مسجد الإجابة ، وأخذ كبيش ومن معه من القواد العمرة والعبيد ، طريقا أقرب إلى الأبطح ، فرأوا بها عنانا وأصحابه ، وكانوا قريبا منهم فى المقدار ، فأزال الرجل الذى مع كبيش ، الرجل الذى مع عنان من مواضعهم بعد قتال جرى بينهم ، وعقروا الجمال التى
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.