إياه ، فلما استقر فى جوفه ، بقى يجود بنفسه ، ويشير إلى أم خالد برأسه ، أنها قتلته. فقالت لبنيه عبد الملك ومن معه : بأبى أنت ، حتى عند النزع لم يشتغل عنى! إنه يوصيكم بى. ومات وهو ابن ثلاث وستين ، وقيل : ابن إحدى وستين. وكانت خلافته تسعة أشهر ، وقيل : عشرة أشهر إلا أياما. وكان أحمر الوجه ، قصيرا ، أوقص ، كبير الرأس واللحية ، دقيق الرّقبة ، وكان فقهيا ، وهو أول من قدّم الخطبة على صلاة العيد ، حين رأى الناس ينصرفون بعد صلاة العيد عن خطبته بالمدينة ، أيام ولايته لها عن معاوية ، فأنكر ذلك عليه أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه.
قال ابن عبد البر : ونظر إليه علىّ يوما ، فقال له : ويلك وويل أمة محمد منك ، ومن بنيك إذا شابت ذراحك! قال : وكان مروان يقال له : خيط باطل. وضرب يوم الدار على قفاه فخرّ لفيه ، فلما بويع بالإمارة ، قال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم ، وكان ماجنا شاعرا محسنا ، وكان لا يرى رأى مروان (١) [من الطويل] :
فو الله ما أدرى وإنى لسائل |
|
حليلة مضروب القفا كيف تصنع (٢) |
لحى الله قوما أمّروا خيط باطل |
|
على الناس يعطى من (٣) يشاء ويمنع |
وقيل : إنما قال أخوه عبد الرحمن ذلك ، حين ولاه معاوية أمر المدينة ، وكان كثيرا ما يهجوه ، ومن قوله فيه (٤) [من الطويل] :
وهبت نصيبى منك يا مرو كله |
|
لعمرو ومروان الطويل وخالد |
فكل ابن أم زائد غير ناقص |
|
وأنت ابن أم ناقص غير زائد |
وقال مالك بن الريب يهجو مروان بن الحكم (٥) [من الطويل] :
لعمرك ما مروان يقضى أمورنا |
|
ولكنّما تقضى لنا بنت جعفر |
فياليتها كانت علينا أميرة |
|
وليتك يا مروان أمسيت ذا حر |
ومروان معدود فى الصحابة ، على مذهب من يشترط فيه المعاصرة ، وإن لم تتفق الرؤية ، وكان فقيها. وقال عروة : كان مروان لا يتهم فى الحديث. انتهى.
وهو الذى قتل طلحة بن عبيد الله ، أحد العشرة يوم الجمل بسهم رماه به.
__________________
(١) الأبيات فى الاستيعاب.
(٢) فى الاستيعاب : «يصنع».
(٣) فى الاستيعاب : «ما».
(٤) الأبيات فى الاستيعاب.
(٥) الأبيات فى الاستيعاب.