فلما اشتد مصعب على الناس ، ومنعهم من إغارة بعضهم على بعض ، وضربهم ، شكوه إلى مروان ، فأراد عزله ، فدخل عليه المسور بن مخرمة ، فقال له : ما ترى فيما يصنع مصعب؟ فقال المسور (٥) :
ليس بهذا م |
|
ن سياق عتب |
يمشى القطوف |
|
وينام الركب |
وذكر الزبير هذا الخبر فى موضع آخر ، وزاد فيه بعد قوله الركب : فلم يزل على الشّرط حتى مات معاوية. وفى هذا الخبر ، أنه كان يهدم على الناس دورهم.
وقال الزبير : حدثنى مصعب بن عبد الله قال : أخبرنى مصعب بن عثمان : أنه ساء الذى بين معاذ بن عبيد الله ، ومصعب بن عبد الرحمن ، وتباعدا ، فلم يكن شىء أحبّ إلى مصعب بن عبد الرحمن ، من أن يؤتى بمعاذ بن عبيد الله فى شىء ، ومصعب على الشّرط ، فأتاه رجل من الحاجّ يدمى أنفه ، فاستعداه على معاذ وقال : كسر أنفى ، اشترى منى ثوبا واستتبعنى إلى منزله ، فحبسنى بالدراهم ، فاستعجلته ، فخرج علىّ فكسر أنفى. فأرسل إليه مصعب فأتاه فلما رآه مصعب استحيى منه ، فنكس رأسه ، ثم قال : الله أنك اشتريت من رجل من الحاج ثوبا ، فحبسته بدراهمه ، فاستعجلك بها ، فخرجت عليه فكسرت أنفه ، أنّ ذلك من الحق؟ قال : فنكس معاذ رأسه ، ثم قال : الله أن يكون الأمر كما وصف ، يستحثنى بدراهمه ، فأخرج إليه أحملها ، وأعتب عليه الصّياح ، فيقول لى : أتريد أن تقتلنى كما قتلت ابن هبّار؟ (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) [القصص : ١٩] أن ذلك من الحق؟ فرفع مصعب رأسه مغضبا ، ثم أقبل على الحاج ، فقال : أقلتها؟ قال : قد قلتها ، فمه؟ قال : اردد عليه ثوبه ، قم ، فقد أهدرت دمك ، هلمّ لك يا معاذ. فأجلسه معه ، وكان سبب صلح بينهما.
قال الزبير : وقد كان عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة القرشى الأموى ، إذ كان واليا ليزيد بن معاوية ، ولىّ مصعبا الشرط ، ثم أمره بهدم دور بنى هاشم ، ومن كان فى حيّزهم والشدّة عليهم ، وبهدم دور أسد بن عبد العزى والشدة عليهم ، حين خرج الحسين بن على بن أبى طالب ، وعبد الله بن الزبير ، وأبيا بيعة يزيد ، فقال له مصعب : «أيها الأمير! إنه لا ذنب لهؤلاء ، ولست أفعل». فقال : انتفخ سحرك يا ابن أم حريث ـ وكانت أمه
__________________
(٥) انظر نسب قريش ٨ / ٢٦٨.