وأسخاهم فلما مات رثاه زياد الأعجم بقصيدته تلك (١) :
مات المغيرة بعد طول تعرّض |
|
للموت بين أسنّة وصفائح |
قال ابن عائشة : فسمعت أبي يقول : فأنشدها يزيد بن المهلب فلما انتهى إلى قوله :
وإذا مررت بقبره فاعقر به |
|
أدم الهجان وكلّ طرف (٢) سابح |
وانضح جوانب قبره بدمائها |
|
فلقد يكون أخادم وذبائح |
فقال له يزيد : هل عقرت؟ قال : لا ، قال : وما منعك؟ قال : كنت على بيت الهمارة ـ يريد الحمارة ـ فقال : أما والله لو فعلت ما أصبح في آل المهلّب صاهل إلّا على مزودك.
قال : وحدثني أحمد بن محمد الجوهري نا الحسن بن عليل العنبري وأحمد بن محمد بن أبي الذيال قالا : أنا القاسم بن محمد بن عباد المهلّبي نا أبي قال : قال المأمون : أي قصيدة أرثى؟ قلت : أمير المؤمنين أعلم ، قال لي : القصيدة التي قالها زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب ، ثم قال : أتحفظها؟ قلت : نعم ، قال : فخذها عليّ فأنشدنيها حتى أتى على آخرها ، وترك منها بيتا ، قلت : يا أمير المؤمنين تركت منها بيتا ، قال : وما هو؟ قلت :
هلا ليالي فوقه بزّاته يغشى |
|
الأسنة فوق نهد قارح (٣) |
قال : هاه هاه يتهدد المنية ، ألّا أتتك ذلك الوقت ، هذا أجود بيت فيها ثم استعادنيه حتى حفظته.
قرأت بخط أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد من أبي سعيد البزار حدثني أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد اليماني نا خباب بن الخشخاش عن أبيه قال : سمعت زياد الأعجم يقول :
ألم تر أنني وترت كوسي |
|
لأنقع من كلاب بني تميم |
__________________
(١) الخبر والأبيات في بغية الطلب ٩ / ٣٩٢٣ ـ ٣٩٢٤ والوافي بالوفيات ١٤ / ٢٤٥ والأغاني ١٥ / ٣٨١.
(٢) الطرف بالكسر : الجواد الكريم الطرفين ، الأب والأم.
(٣) القارح : ما استتم (من الخيل) الخامسة ودخل في السادسة.