إبراهيم الزاهد ، أنا عبد الله بن الوليد الأندلسي ، أنا محمد بن أحمد ـ فيما كتب إليّ ـ أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللّخمي ، نا عبد الله بن يونس ، أنا بقيّ بن مخلد ، نا أحمد بن إبراهيم الدّورقي ، أنا عبد الله بن جعفر الرّقّي ، والوليد بن صالح ، قالا : ثنا عبد الله بن عمرو.
قال : وحدّثني الهيثم بن جميل ، حدّثني عبيد الله بن عمرو ـ ويزيد (١) بعضهم على بعض ـ قال : حدّثني زياد أبو عبد الله ـ رجل من حرس عمر بن عبد العزيز ـ قال : بعث إليّ عمر بن عبد العزيز ذات ليلة قال : فدخلت عليه وعنده شمعة وتحته شاذكونة (٢) وسخة ، لا أدري أوسخها أغلظ أو بئولتها (٣) ، بساطها من عباءة من مشاقة (٤) الصوف في ليلة قرة ، وعليه كساء أنبجاني سمل. وعليه قلنسوة بيضاء مضرّبة غسيل قد تنحى قطنها في جانبيها (٥) ، فنظرت إلى جسده فكأني لم أر بين عظمه وجلده شيئا من اللحم.
قال : ومال معبّأ وكتاب مختوم ، فقال لي : خذ هذا المال وهذا الكتاب ، فانطلق به إلى سالم بن وابصة ، وكان على الرقة فمره فليقسمه على فقراء المسلمين ، ومره ألا يقسمه إلّا على نهر جار وسوق جامعة ، فإني أخاف أن يعطشوا.
قال : وكتب إلى ابن وابصة [يأمره](٦) بأشراط يذب الناس بعضهم على بعض ، لا يزدحموا فيصيبهم شيء ،.
قال : فأخذته ثم خرجت ورجعت ، فقلت لغلامه : استأذن لي ، فقال : قد دخل إلى أهله وليس هاهنا أحد يستأذن لك.
فقام على الباب ، ثم قال : الرجل الذي خرج من عند أمير المؤمنين آنفا يريد الدخول ، قال فسمعته يقول : ادخل فإذا الشمعة قد رفعت وإذا عنده سراج ، قلت : قلّ
__________________
(١) بالأصل : «عمرو بن يزيد» صوبنا العبارة عن بغية الطلب.
(٢) الشاذكونة بفتح الذال : ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن.
(٣) بالأصل تقرأ : توثها ، وفي بغية الطلب : «ثوبها» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٩ / ١٠٣ والبئولة : الضآلة والصغر.
(٤) المشاقة : ما سقط من الشعر أو الكتان عند المشط.
(٥) في المختصر وبغية الطلب : ناحيتها.
(٦) زيادة منا اقتضاها السياق.