حدّثه أن أبا بكر قال : ـ زاد ابن المقرئ : له ، وقالا : ـ إنك رجل شاب عاقل لا ، ـ وقال المقرئ : ولا ـ يتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فتتبّع القرآن فاجمعه ، وهذا مختصر من حديث (١).
أخبرناه أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد الأصبهاني ، أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي ، أنا محمد بن إبراهيم بن علي ، أنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، نا حرملة بن يحيى التجيبي ، أنا عبد الله بن وهب ، أخبره يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أخبرني ابن السباق أن زيد بن ثابت حدثه قال :
أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر الصّدّيق : إن عمر أتاني فقال لي : إن القتل قد استحرّ بأهل اليمامة من قرّاء المسلمين ، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن ، فيذهب كثير من القرآن لا يوعى ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، فقلت لهم : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال عمر : هو والله خير فلم يزل يراجعني بذلك حتى شرح الله بذلك صدري ، فرأيت فيه الذي رأى عمر ، فقال زيد بن ثابت ، وعمر جالس عنده لا يتكلم ، فقال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك وكنت تكتب الوحي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاتبع القرآن فاجمعه ، قال زيد : فو الله لو كلّفوني ثقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن ، قال : فقلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، قال : فكنت أتبع القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب (٢) وصدور الرجال ، حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)(٣) فكانت الصحيفة التي جمعنا فيها القرآن عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله ، ثم عند عمر بن الخطاب حياته حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر.
قال ابن شهاب : ثم أخبرني أنس :
__________________
(١) انظر سير الأعلام ٢ / ٤٣١.
(٢) العسب جمع عسيب وهو جريد النخل إذا نحي عنه خوصه.
(٣) سورة التوبة ، الآية : ١٢٨.