الشمس ، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلّى ركعة وسجدتين ، ثم يقول : هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل ، لا أعبد حجرا ، ولا أصلّي له ، ولا آكل ما ذبح له ، ولا أستقسم بالأزلام ، وأنا أصلّي إلى هذا البيت حتى أموت. وكان يحج : فيقف بعرفة ، وكان يلبي يقول : لبيك لا شريك لك ، ولا ندّ لك ، ثم يدفع من عرفة ماشيا ، وهو يقول : لبّيك ، متعبدا [لك] مرقوقا.
قال : ونا أحمد بن معروف ، نا حارث بن أبي أسامة ، أنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني علي بن عيسى الحكمي ، عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة قال :
سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول : أنا انتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من بني عبد المطلب ، ولا أراني أدركه ، وأنا أؤمن به وأصدّقه ، وأشهد أنه نبي ، فإن طالت بك مدة فرأيته فاقرئه مني السلام (١) ، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك ، قلت : هلم ، قال : هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير ، ولا بكثير الشعر ولا بقليله ، وليست تفارق عينيه حمرة ، وخاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد ، وهذا البلد مولده ومبعثه ، ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره ، فإيّاك أن تخدع عنه ، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم ، فكان من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون : هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ، ويقولون : لم يبق نبي غيره.
قال عامر بن ربيعة (٢) : فلما أسلمت أخبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام ، وترحّم عليه وقال : «قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا» [٤٥٦٠].
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن النّضر الديباجي ، نا أبو الحسن علي بن عبد الله بن ميسر الواسطي ، نا محمّد بن حرب أبو عبد الله النّسائي ، نا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغسّاني ، عن هشام ، عن أبيه ـ أحسبه عن عائشة ـ قالت :
لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول : يا معشر
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٩ إلى هنا ينتهي الخبر فيها ، ومن هنا إلى : «نبي غيره» ليس في الطبقات.
(٢) تتمة الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٩.