على طيّئ فسبت زيدا ، فصاروا به إلى سوق عكاظ ، فرآه النبي صلىاللهعليهوسلم من قبل أن يبعث فقال لخديجة : «يا خديجة رأيت في السوق غلاما من صفته كيت وكيت ، يصف عقلا وأدبا وجمالا ، لو أن لي مالا لاشتريته» ، فأمرت ورقة بن نوفل فاشتراه من مالها ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا خديجة هبي لي هذا الغلام بطيبة من نفسك» ، قالت : يا محمد إني أرى غلاما وضيا وأحبّ أن أتبناه وأخاف أن تبيعه أو تهبه ، قال : يا ... (١) ما أردت إلّا لأتبناه ، فقالت به فديت يا محمد ، قال : فربياه وتبنّياه ، وكان يقال له : زيد بن محمد ، فجاء رجل من الحي فرأى زيدا فعرفه فقال : ألست أنت زيد بن حارثة؟ قال : لا ، أنا زيد بن محمد ، قال : بل أنت زيد بن حارثة نسبة أباك وعمك وإخوتك كيت وكيت قد اتبعوا (٢) الأبدان وأنفقوا الأموال في سبيلك فقال زيد (٣) :
ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا |
|
فإني قطين البيت عند المشاعر |
فكفّوا من الوجد الذي قد شجاكم |
|
ولا تعلموا في الأرض نصّ الأباعر |
فإنّي بحمد الله في خير أسرة |
|
خيار معدّ كابرا بعد كابر |
قال : فمضى الرجل فأخبر حارثة ، ولحارثة في ذلك شعر (٤) :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل |
|
أحيّ فيرجى أم أتى دونه الأجل |
فو الله ما أدري وإني (٥) لسائل |
|
أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل |
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة |
|
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل |
تذكّرنيه الشمس عند طلوعها |
|
وتعرض ذكراه إذا عسعس الطفل |
وإن هبّت الأرياح هيّجن ذكره |
|
فيا طول أحزاني عليه ويا وجل |
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا |
|
ولا أسأم التطواف (٦) أو تسأم الإبل |
__________________
(١) لفظة غير مقروءة بالأصل.
(٢) بالأصل : ابعثوا ، ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) تقدمت الأبيات في ترجمة زيد بن حارثة ، وانظر الاستيعاب ١ / ٥٤٦ وطبقات ابن سعد ٣ / ٤١ والإصابة ١ / ٥٦٣.
(٤) تقدمت الأبيات في ترجمة زيد بن حارثة ، وانظر الاستيعاب ١ / ٥٤٦ وطبقات ابن سعد ٣ / ٤١ وأسد الغابة ٢ / ١٢٩ ـ ١٣٠ والإصابة ١ / ٥٦٣.
(٥) في المصادر : وإن كنت سائلا.
(٦) الأصل : الطواف ، والمثبت عن المصادر.