وأخبار العلم قبل الإسلام في الشام ضئيلة ومنها يستدل بعض الاستدلال على مكانة العقل فيه وسلامة أذواق بنيه. وكان النور يسطع بين أهل هذا القطر على حالة متقطعة لا مطردة ، ويخرج العلماء والفلاسفة فرادى ، انتقلت إلينا أسماء بعضهم ممن كانوا يعملون برأسهم أو يعملون مجتمعين مع أقرانهم في ظل الحكومات مثل يوسيفوس المؤرخ اليهودي في سنة ١٠٠ م وله عدة تواريخ وقد صار واليا على الجليل ، وكتب بالسريانية ثم ترجمت كتاباته باليونانية ، ومنهم يوستوس الطبراني اليهودي المؤرخ وفيلون اليهودي الجبلي وفيلودومر الابيكوري من جدر وتيودور الخطيب من عسقلان وأقليدس المهندس النجار الفيلسوف الرياضي الذي نبغ في صور ، كما نبغ فيها فرفوريوس الفيلسوف ، وكان بعد زمن جالينوس ، ونبغ في العلم بولودر المهندس الدمشقي الذي أقام عمود تراجان في رومية وبنى جسرا على نهر الطونة (الدانوب) وجاء في رفنية ارسطيفس الرفني وفلسفته هي الفلسفة الأولى قبل أن تتحقق الفلسفة ، وثاوذوسيوس الفلكي كان في القرن الأول قبل المسيح في مدينة طرابلس ، وممن نشأ في اللاذقية نيقولاوس صاحب جوامع الفلسفة وتوفلس صاحب الحجج في قدم العالم.
واشتهر في هذه القرون الأولى هرمپوس البيروتي تلميذ فيلون المؤرخ الفينيقي في فنون الأدب ، وطوروس البيروتي في الحكمة ، ولوپركوس البيروتي في اللغويات والفلسفيات ، ومناسياس البيروتي في الخطابة ، واشتهر في الآداب مرقس كالريوس پروبس البيروتي ، وفي الجغرافيا مارينوس الصوري ، وكان معاصرا لبطليموس القلوذي في القرن الثاني للمسيح. وكانت أنطاكية على عهد خلفاء الإسكندر اوسلوقس نيقاتور ومن جاء بعده مباءة أدب وحكمة ، ونبغ فيها من الشعراء ورجال الدين والأدب والخطابة على عهد انتشار النصرانية رجال عظام مثل القديس يوحنا فم الذهب اليوناني ، والقديس لوقا ، والشاعر ارستياس. وكما كانت أنطاكية دار حكمة وعلم ، كانت بيروت تدعى مرضعة الحكمة على عهد الرومان ، وكانت فيها مدرسة الفقه التي أسسها على الغالب بعض أباطرة الرومان من الشاميين ـ وقد نشأ من حمص وبصرى أباطرة لبسوا تاج المملكة الرومانية وحكموها ـ وكانت اللغة اللاتينية لسان