وما يسمونه الصلب وغيره من أبواب ونوافذ غاية في الإتقان. ومن صنع النجارين أيضا قديما الصناديق الخشبية ومنها ما هو مغشى بالصدف ومنه ما يسمونه بالحفر. ومنذ نحو أربعين سنة دخلت بيروت ودمشق آلات النجارة الحديثة التي تدار بالكهرباء فاستطاع مديرو المعامل أن يقاولوا على بنايات كبيرة لصنع أبوابها ونوافذها بغاية السرعة.
وظهرت صناعة جديدة على الطراز الغربي تسمى صناعة (الموبيليا) أي فرش الدور وتنضيدها ويتناول اسم الموبيليا جميع أنواع الخزائن والمغاسل والمقاعد الخشبية المغلفة بالنسيج الحريري ولوازم غرف النوم وغرف الطعام وغرف الاستقبال ، وكل ذلك يصنع في دمشق وحلب وطرابلس وبيروت ، وهي تضاهي المصنوعات الأوربية جمالا وإتقانا ومتانة ، وتعد هذه المعامل بالمئات ، ومما يدل على الذكاء في الصناعة أن تلميذات المدارس الصغيرات يشتغلن اليوم من جملة الأشغال اليدوية على اختلاف أنواعها وأوضاعها ما تقر به العيون ويبشر بمستقبل مجيد. وقلما تجد واحدة من النساء إلا وتجيد أكثر من صنعة يدوية.
ومن الصناعات التي تمتاز بها دمشق خاصة ، صناعة خشبية تسمى اليوم بالمصري ، وهي بواقي خشب الجوز اليابس تفصل بحسب المطلوب ، وتصقل صقلا تاما ، ويرسم عليها بالقلم عروق غاية في الإبداع ، ويحفر على حسب رسم القلم ، وينزل به الغراء وفوقه الصدف. وتقسم قسمين فما كان دقيق الرسم يسمى بالمصري ، وما كان رسم عرقه ظاهرا كل الظهور يسمى في عرف الصناع بالعرق. ويصنعون منه أنواعا ، فمنها ما يسمى «بالجاردينيه» وهي أثاثة يوضع فيها قحف زهور صناعية ، بعرض مترين أو ثلاثة أذرع ، ويجعل فوقها إطار من تلك الصناعة النفيسة طوله متران وعرضه متر. وفي داخل ذلك الإطار مرآة وبجانبه من الطرفين جناحان لطيفان لهما رفوف توضع عليها التحف المنوعة ، وفوقها تاج على علو متر أيضا. وكل ذلك محلى بتلك الصناعة الصدفية يتخلله صباغ أسود قليل يزيد في لمعان الصدف.
ويصنع من تلك الصناعة أشكال وأنواع متعددة منها الأصونة خزائن (٤ ـ ١٤)