المشرق برا وبحرا ، ويجلبون من الغرب الخدم والجواري والغلمان والديباج وجلود الخز والفراء والسمور والسيوف يركبون من فرنجة (فرنسا) في البحر الغربي فيخرجون بالفرما «على ساحل مصر» إلى القلزم «البحر الأحمر» وإن شاؤوا حملوا تجاراتهم من فرنجة في البحر الغربي فيخرجون بأنطاكية ويسيرون على الأرض ثلاث مراحل إلى الجابية «في حوران» ، وأما تجار الروس وهم من جنس الصقالبة فإنهم يحملون جلود الخز وجلود الثعالب السود ، والسيوف من أقصى صقلبة «بلاد الروس» إلى البحر الرومي والخارج منهم في البر يخرج من الأندلس أو من فرنجة ، فيعبر إلى السوس الأقصى فيصير إلى طنجة ثم إلى إفريقية «تونس» ثم إلى مصر ثم إلى الرملة ثم إلى دمشق ثم إلى الكوفة ثم إلى بغداد.
وكان يرتفع من فلسطين الزيت والقطين والزبيب والخروب والملاحم والصابون والفوط والجبن والقطن والتفاح والقريش والمرايا وقدور القناديل والإبر والنيل والتمور والحبوب والخرفان والعسل وشقاق المطارح والسّبح والكاغد والبز والأرز ، ومن قدس «حمص وحماة» الثياب المنيرة والبلعسية والحبال ، ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات ، ومن مآب قلوب اللوز ، ومن دمشق المعصور والبلعيس والديباج ودهن البنفسج والصفريّات والكاغد والجوز والقطين والزبيب ، ومن حلب القطن والثياب والأشنان والمغرة ، ومن بعلبك الملابن. واختصت حلب أيضا ـ كما قال ابن الشحنة ـ بالصابون الذي يجلب منها إلى ممالك الروم والعراق وديار بكر وهو أفخر صابون ، ويباع منه بحلب في اليوم الواحد ما لا يباع في غيرها في الأشهر ، ومن خصائصها نفاق ما يجلب إليها من البضائع كالحرير والصوف واليزري والقماش العجمي وأنواع الفراء من السمور والوشق والفنك والسنجاب والثعلب وسائر الوبر والبضائع الهندية ، فإذا حضر إليها مائة حمل حرير فإنه يباع في يوم واحد ويقبض ثمنه ا ه. وذكر ابن بطلان من أهل القرن الرابع من عجائب حلب أن في قيسارية البز عشرين دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمر ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن ا ه. وكانت تجارة الشام في هذا القرن والذي يليه