مركز تجارة شبه جزيرة العرب ومصر والشام ، وإن العرب رقوا الصناعة البحرية ووضعوا قوانين لحقوق الملاحة واستعاروا بيت الإبرة من الصينيين ، وضبطوا التجارة بفن مسك الدفاتر أيّ ضبط وشرحوا الكفالة وأنشأوا المصارف للفقراء ووضعوا السفاتج المألوفة وردود التمسك وبعثوا روح الحركة في مصارفنا الحديثة وكنت تراهم حيثما سكنوا مهدوا السبيل وأمنوها ، وعمروا المرافئ والفرض ، وأصلحوا وأنشأوا الفنادق والرباطات ورتبوا سير القوافل الاقتصادية ولم تكن المدن الكبرى غير أوساط تجارية كبرى.
وكان الفرات بن حيان أهدى الناس بالطرق وأعرفهم بها وكان يخرج مع عيرات قريش إلى الشام وله يقول حسان :
إذا هبطت حوران من رمل عالج |
|
فقولا لها ليس الطريق هنالك |
فإن نلق في تطوافنا وانبعاثنا |
|
فرات بن حيان يكن وهن هالك |
ويقول بيكولوتي : إن أربع موان : عكا وبيروت وطرابلس واللاذقية ، وخمس مدن داخلية الرملة ودمشق وحماة وأنطاكية وحلب استفادت من التجارة مع اللاتين ولا سيما مع البيزيين والجنويين والطسقانيين والبنادقة وكلهم إيطاليون وهذه الجمهوريات الأربع ، بيزة وجنوة وطسقانة والبندقية التي كانت تقتسم إيطاليا هي أول من اتجر مع الشام من أمم الغرب وجاراهم بعض تجار من أهل بلجيكا وإنكلترا ثم عدلوا لبعد ديارهم. وكان لهؤلاء الطليان ولتجار أمالفي ومارسيليا مكاتب تجارة في الإسكندرية وفي المدن الساحلية والداخلية في الشام ، يقايضون بواسطتها حاصلات الشرق مع حاصلات الغرب ، ولما فتح الجنويون ثم البنادقة جزيرة قبرس زادت صلات الشام مع هذه الجزيرة التي هي على ٩٣ كيلومترا من ساحل الشام في طرف جون الإسكندرونة وتعد من الشام. وجعل ملوك فرنسا لهم تاجرا إسرائيليا يذهب كل سنة إلى الشرق يبتاع منه حاصلات آسيا. وكثيرا ما كان اليهود سفراء في المفاوضات مع أمراء آسيا.
وذكر ابن خرداذبة أن التجار اليهود الراذائية ، وكانوا يتكلمون بالعربية والفارسية والرومية والإفرنجية (الفرنسية) والأندلسية (الإسبانية أو البرتقالية) والصقلبية (السلافية) يسافرون من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى