ذكر الثعالبي من شعراء الشام المحدثين العتابي ومنصور النمري والأشجع السلمي ومحمد بن زرعة الدمشقي وربيعة الرقي قال على أن في الطائيين (أبي تمام والبحتري) اللذين انتهت إليهما الرياسة في هذه الصناعة كفاية وهما هما. ومن مولدي أهل الشام المعوج الرقي والمريمي والعباس المصيصي وأبو الفتح كشاجم والصنوبري وأبو المعتصم الأنطاكي ، وهؤلاء رياض الشعر وحدائق الظرف. ويقال إنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ، ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ الشعر ونجوم الدهر ، وإنما السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها ، وكان أديبا شاعرا أورد صاحب اليتيمة من شعرائه ومن كانوا يقصدونه من الآفاق لينفقوا من أدبهم في سوقه ما هو بهجة النفوس مدى الأيام.
وكان في هذا القرن أكثر الجهابذة والصياغين والصيارفة والدباغين بالشام من اليهود ، وأكثر الأطباء والكتبة نصارى وانحطت مدن الشام في العلم انحطاطا كثيرا ومنها حمص. ذكر السيوطي أنه نزلها خلق من الصحابة وانتشر بها الحديث زمن التابعين وإلى أيام حريز بن عثمان وشعيب بن أبي حمزة ثم إسماعيل بن عياش وبقية وأبي المغيرة وأبي اليمان ثم أصحابهم ثم تناقص ذلك في المائة الرابعة وتلاشى ثم عدم بالكلية.
كان أبو فراس الحمداني الذي قال فيه الصاحب بدىء الشعر بملك وختم بملك ، يعنى امرأ القيس وأبا فراس ـ ابن عم سيف الدولة وأعطاه على بيت واحد ضيعة بمنبج تغل ألف دينار. ولطالما أعطاه وأعطى الشعراء في بابه ولا سيما أبو الطيب المتنبي عشرات الألوف من الدنانير دع الإقطاعات والضياع ، وكان أبو بكر وأبو عثمان الخالديان من خواص شعراء سيف الدولة وكانا على خزانة كتبه كما كان عليها أيضا السلامي والببغاء والوأواء. وربما قلّ في الملوك من مدح بمثل ما مدح به سيف الدولة حتى إن كلا من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياض الكاتب وأبي الحسن علي بن محمد السميساطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت. وكان أبو محمد الفياض كاتبا لسيف الدولة ونديمه معروفا ببعد المدى في مضمار الأدب وحلبة