إلى الخليفة من بعده ، وفارق الدنيا تقيا نقيا على منهاج صاحبه ، ثم إنّك يا عمر بنيّ الدنيا ولدتك ملوكها وألقمتك ثدييها فربيت فيها تلتمسها مظانّها ، فلما وليتها ألقيتها حيث (١) ألقاها الله ، هجرتها وجفوتها وقذرتها إلّا ما تزودت منها ، فالحمد لله الذي جلا بك حوبتنا (٢) ، وكشف بك كربتنا ، فامض ولا تلتفت فإنه لا يعزّ على الحق شيء ، ولا يذل (٣) على الباطل شيء ، أقول قولي وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات.
قال أبو أيوب : فكان عمر بن عبد العزيز يقول في شيء. قال لي ابن الأهتم : امض ولا تلتفت.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا داود بن رشيد قال : قيل لعبد الله بن الأهتم : ما السرور؟ قال : رفع الأولياء وخفض الأعداء وطول البقاء مع القدرة والنماء.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطّار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا عبيد الله بن عبد الرحمن ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، أنا الأصمعي ، أنا الفضل بن عبد الملك قال : قال عبد الله بن الأهتم لابنه : يا بني توقّ نفسك ، فإن في خلافها رشدك.
قرأت بخط محمّد بن عبد الله بن جعفر ، أخبرني أبو الطّيّب محمّد بن حميد بن سليمان الكلابي ، نا محمّد بن خلف ، نا إسحاق بن محمّد بن أبان ، نا القحذمي ، قال : خرج عبد الله بن الأهتم إلى عتّاب بن ورقاء إلى أصبهان وكان واليا عليها فاستأذن عليه ، فأذن له ، فلما دخل عليه أنشده :
إنّا أتيناك لا من حاجة عرضت |
|
ولا قروض تجازيها ولا نعم |
إلّا اختيارك أعمال العراق وإن |
|
قيل ابن ورقاء سيل مسبل (٤) الدّيم |
فإن تجود فشيء كنت تفعله |
|
وإن تكن عللا نصفح ولا نلم (٥) |
__________________
(١) قوله : «ألقيتها حيث» سقط من م.
(٢) حوبتنا ، الحوبة : الهمّ والحاجة (القاموس).
(٣) في سيرة ابن عبد الحكم : فإنه لا يذل على الحق شيء ، ولا يعز على الباطل شيء.
(٤) عن المطبوعة وبالأصل وم : مسيل.
(٥) عن م ، وبالأصل : تلم.