عيّاش ، نا ابن أبي الحارث عن رزين (١) أبي عبد الله قال : انصرف أبو مسلم الخولاني إلى منزله فإذا جاريته تبكي ، فقال لها : يا بنية ما يبكيك؟ فقالت : ضربني سيدي ابنك ، فدعا ابنه ، فقال : كيف ضربك؟ قالت : لطمني ، قال لابنه : اجلس ، فجلس ، فقال لها : الطميه كما لطمك ، فقالت : لا ألطم سيّدي ، فقال لها : عفوت عنه؟ قالت : نعم ، قال : لا تطلبينه في الدنيا ولا في الآخرة؟ قالت : نعم ، قال : اذهبي حتى تشهدي على ما تقولين ، فدعت رجلا من الجانب ، فقال لهم (٢) أبو مسلم : إن ابني لطمها لطمة ، فدعوتها لتقتص من ابني فأبت أن تقتص ، فزعمت أنها قد عفت عنه لا تطلبه لا في الدنيا ولا في الآخر ، فكذلك؟ قالت : نعم ، قال : أشهدكم أنها حرة لوجه الله ، فأقبل عليه بعض القوم ، فقال : أعتقتها من أجل أن لطمها ابنك وليس لك خادم غيرها؟ قال : دعونا عنكم أيها القوم ليتنا نفلت كفافا لا لنا ولا علينا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين علي بن محمّد بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا عفان ، نا سليم بن أخضر ، نا ابن عون ، قال : أنبأني الحسن قال : قال أبو مسلم الخولاني وكان ذا أمثال : نفسا إذا أكرمتها وردعتها ونعّمتها ذمّتني عند الله غدا ، وإن أنا أهنتها وأنصبتها وأعملتها مدحتني عند الله غدا ، قال : فمن تيك يا أبا مسلم؟ قال : تيك والله نفسي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السّلمي الفقيه ، أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد ، وأبو محمّد عبد الله بن عبد الرّزّاق بن الفضيل الكلاعي ، قالا : أنا أبو الحسن محمّد بن عوف ، أنا أبو علي الحسن بن منير ، أنا أبو بكر محمّد بن خريم ، نا هشام بن عمّار ، نا عبد العزيز ـ وهو ابن الوليد بن سليمان بن أبي السائب ـ قال : وسمعت أبي يذكر أن أبا مسلم الخولاني قال : يا أهل المدينة كنتم بين قاتل وخاذل ، فكلّا جزى الله شرا ، يا أهل المدينة والله لأنتم أعظم جرما عند الله من ثمود ،
__________________
(١) بالأصل : «زريق» ، وفي م : «نديق» وكلاهما تحريف والصواب ما أثبت انظر ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٢٠٢.
(٢) كذا بالأصل وم ، بصيغة الجمع ، ولعل الصواب أنه : فدعت رجالا وهو أشبه باعتبار ما يلي.