فخرج إليه فقال له : أشعرت أني قد اشتريتك واشتريت الحائط من مواليك ، فقال له : بارك الله لك فيما اشتريت ، ولقد غمّني مفارقتي لمواليّ ، إنّهم ربّوني ، فقال له : أنت حرّ والحائط لك ، فقال : إن كنت صادقا يا مولاي فأشهد أني قد أوقفته على ورثة عثمان بن عفّان ، قال : فتعجب عبد الله بن جعفر منه ، وقال : ما رأيت كاليوم ، فقال : بارك الله فيه ، ودعا له ومضى.
قال : وأنا أحمد بن مروان ، نا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن الحارث عن المدائني قال : قال معاوية لعبد الله بن جعفر : ما العيش يا أبا جعفر؟ قال : ركوب الهوى وترك الحياء](١).
قال : وأخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر ، وأبو الحسن سعد الخير بن محمّد ، قالا : أنا (٢) أبو الفوارس طراد بن محمّد بن علي ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران ، أنا أحمد بن محمّد بن جعفر بن حموية ، نا عبد الله (٣) بن عبيد بن أبي الدنيا ، قال : زعم العبّاس العنبري ، نا وهب بن جرير ، عن جويرية بن أسماء ، عن بديح مولى عبد الله بن جعفر قال : خرجت مع عبد الله بن جعفر في بعض أسفاره ، فنزلنا إلى جانب خباء من شعر ، قال : وإذا صاحب الخباء رجل من بني عذرة ، قال : فبينا نحن كذلك إذا نحن بأعرابي قد أقبل يسوق ناقة حتى وقف علينا ثم قال : أي قوم ابغوني شفرة ، فناولناه الشفرة ، فوجأ في لبّتها وقال : شأنكم بها ، قال : وأقمنا اليوم الثاني ، وإذا نحن بالشيخ العذري يسوق ناقة أخرى ، فقال : أي قوم ابغوني شفرة ، قال : فقلنا إنّ عندنا من اللحم ما ترى ، قال : فقال أبحضرتي تأكلون الغابّ (٤) ، ناولوني الشفرة ، فوجأ في لبّتها ، ثم قال : شأنكم بها ، وبقينا اليوم الثالث ، فإذا نحن بالعذري يسوق أخرى حتى وقف علينا ، فقال : أي قوم ابغوني شفرة ، قال : فقلنا : إن معنا من اللحم ما ترى ، قال : أبحضرتي تأكلون الغابّ إني لأحسبكم قوما لئاما ، ناولوني الشفرة ، فوجأ في لبّتها ثم قال : شأنكم بها ، قال : وأخذنا في الرحيل ، فقال ابن جعفر لجارية (٥) : ما معك؟
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.
(٢) بالأصل : «أنا الوليد أبو الفوارس» والمثبت عن م.
(٣) في المطبوعة : عبد الله بن محمد بن عبد بن أبي الدنيا.
(٤) أغب اللحم : أنتن كغبّ ، وأغب القوم : جاءهم يوما وترك يوما ، كغبّ عنهم. (القاموس المحيط).
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : لخازنه.