قال (١) : رزمة ثياب وأربع مائة دينار ، قال : اذهب بها إلى الشيخ العذري ، قال : فذهب بها ، فإذا جارية في الخباء ، فقال : يا هذه خذي هديّة ابن جعفر ، قالت : إنا قوم لا نقبل على قرى أجرا ، قال : فجاء إلى ابن جعفر ، فأخبره فقال : عد إليها فإن هي قبلت وإلّا فارم بها على باب الخيمة ، فعاودها فقالت : اذهب عنا بارك الله فيك ، فإنا قوم لا نقبل على قرانا أجرا ، فو الله لئن جاء شيخي فرآك هاهنا لتلقان منه أذى ، قال : فرمى بالرزمة والصّرة على باب الخباء ، ثم ارتحلنا فما سرنا إلّا قليلا حتى إذا نحن بشخص يرفعه السراب مرة ويضعه أخرى ، فلما دنا منا إذا نحن بالشيخ العذري ومعه الصرة والرزمة ، فرمى بذلك إلينا ثم ولّى مدبرا ، فجعلنا ننظر في قفاه هل يلتفت فهيهات ، قال : فكان ابن جعفر يقول : ما غلبنا بالسّخاء إلّا الشيخ العذري.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، نا عبد الله بن عمرو بن عبد الرّحمن ، نا عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن يحيى بن المدني ، حدّثني عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمرو بن عبد الرّحمن بن عوف ، قال :
خرج حسين بن علي وعبد الله بن جعفر ، وسعيد بن العاص إلى مكة في حجّ أو عمرة ، فلما قفلوا اشتاقوا إلى المدينة ، فركبوا صدور رواحلهم بأبدانهم وخلّفوا أثقالهم ، وكان ذلك في الشتاء ، فلما بلغوا المنجنين (٢) قرب الليل أصابهم مطر ، واشتدّ عليهم البرد ، فاحتاجوا إلى مبيت وكنّ ، فنظرا إلى نار تلوح لهم عن ناحية من الطريق ، فأمّوها (٣) ، فإذا هي نار لإنسان من مزينة ، فسألوه المبيت ، فقال : نعم ، والقرى ، فأنزلهم فأدخلهم خباءه وحجر بينهم وبين امرأته وصبيانه بكساء أو شيء (٤) ، ثم قام إلى شاة عنده فذبحها وسلخها ثم قرّبها إليهم وأضرم لهم نارا عظيمة ، فباتوا عليها ، فدخل على امرأته وهو يظنّ أنهم قد ناموا ، فقالت له : ويحك ، ما صنعت بأصبيتك فجعتهم بشويهتهم لم يكن لهم غيرها ، يصيبون من لبنها ، لقوم مرّوا بك كسحابة فرّغت (٥) ما
__________________
(١) في م : قالت.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «المنحنين». ولم نحله.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : فأتوها.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : بشيء.
(٥) في م : أفرغت.