علي (١) بن أحمد الباهلي ، قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : جعل أبو العبّاس أمير المؤمنين يطوف ببنائه (٢) بالأنبار ومعه عبد الله بن الحسن بن الحسن فجعل يريه البنّاء ويطوف به فيه ، فقال عبد الله بن الحسن بن الحسن : يا أمير المؤمنين :
ألم تر حوشبا أمسى يبني |
|
بيوتا نفعها لبني بقيله (٣) |
يؤمّل أن يعمر عمر نوح |
|
وأمر الله يحدّث كلّ ليلة |
فقال له العبّاس : ما أردت إلى هذا ، قال : أردت أن أزهدك في هذا القليل الذي أريتنيه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا سليمان بن إسحاق الجلّاب ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، أخبرني حفص بن عمر قال :
قدم عبد الله بن حسن على أبي العبّاس بالأنبار ، فأكرمه وحيّاه وقرّبه وأدناه ، وصنع به شيئا لم يصنعه بأحد ، وكان يسمر معه بالليل ، فسمر معه ليلة إلى نصف الليل وحادثه ، فدعا أبو العبّاس بسفط جوهر ففتحه فقال : هذا والله يا أبا محمّد ما أوصل إليّ من الجوهر الذي كان في يدي بني أمية ، ثم قاسمه إيّاه فأعطاه نصفه ، وبعث أبو العبّاس بالنصف الآخر إلى امرأته أمّ سلمة ، وقال : هذا عندك وديعة ، ثم تحدّثا ساعة ، ونعس أبو العبّاس فخفق (٤) برأسه وأنشأ عبد الله بن حسن يتمثل بهذه الأبيات :
ألم تر حوشبا أمسى يبنّي |
|
قصورا نفعها لبني بقيلة (٥) |
يؤمّل أن يعمّر عمر نوح |
|
وأمر الله يطرق كلّ ليلة |
قال : وانتبه أبو العباس ففهم ما قال ، فقال : يا أبا محمّد تمثّل بهذا الشعر عندي ، وقد رأيت صنعي بك ، وإنّي لم أدّخرك شيئا ، قال : يا أمير المؤمنين هفوة كانت ، والله ما أردت بها سوءا ولكنها أبيات خطرت فتمثّلت بها ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما
__________________
(١) في تاريخ بغداد : أبو الحسن علي بن بكر بن أحمد الباهلي.
(٢) تاريخ بغداد : ببناية.
(٣) في تاريخ بغداد : لبني نفيله.
(٤) بالأصل وم : يخفق.
(٥) في م هنا : نفيله.