أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني قدامة بن محمّد الخشرمي ، حدّثني محمّد بن خوط ، وكان من خيار أهل المدينة ،عن صفوان بن سليم قال :
يتحدّث أهل المدينة أن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ، لقيه الشيطان وهو خارج من المسجد فقال : تعرفني يا ابن حنظلة؟ فقال : نعم ، قال : من أنا؟ قال : أنت الشيطان ، قال : فكيف علمت ذاك؟ قال : خرجت وأنا أذكر الله فلما رأيتك بلدت أنظر إليك ، فشغلني النظر إليك عن ذكر الله ، فعلمت أنك الشيطان ، قال : نعم يا ابن حنظلة ، فاحفظ عني شيئا أعلّمكه ، قال : لا حاجة لي به ، قال : تنظر فإن كان خيرا قبلت ، فإن كان شرا رددت ، يا ابن حنظلة لا تسأل أحدا غير الله سؤال رغبة ، وانظر كيف تكون إذا غضبت.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة بن خيّاط (١) ، نا وهب بن جرير ، نا جويرية بن أسماء ، قال : سمعت أشياخنا من أهل المدينة يتحدّثون أنّ ممّن وفد إلى يزيد بن معاوية عبد الله بن حنظلة معه ثمانية بنين له ، فأعطاه مائة ألف ، وأعطى بنيه كل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم ، فلما قدم عبد الله بن حنظلة المدينة أتاه الناس فقالوا : ما وراءك؟ فقال : أتيتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلّا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم ، قالوا : فإنه بلغنا أنه أكرمك (٢) وأعطاك ، قال : قد فعل وما قبلت ذلك منه إلّا أن أتقوّى به عليه ، وحضّض الناس فبايعوه.
قال وهب في حديثه عن جويرية (٣) : قال : فخرج أهل المدينة بجموع كثيرة وهيئة لم ير مثلها ، فلما رآهم أهل الشام هابوهم وكرهوا قتالهم ، فأمر مسلم بن عقبة بسرير فوضع بين الصّفّين ، ثم أمر مناديه : قاتلوا عني أو دعوا ، فشدّ الناس في قتالهم ، فسمعوا التكبير خلفهم في جوف المدينة ، وأقحم عليهم بنو حارثة أهل الشام وهم على الحرّة (٤) ، فانهزم الناس وعبد الله بن حنظلة متساند إلى بعض بنيه يغط نوما ، فنبهه ابنه ،
__________________
(١) الخبر في تاريخ خليفة ص ٢٣٧ (حوادث سنة ٦٣ وقعة الحرة).
(٢) في تاريخ خليفة : أنه أجازك وأكرمك وأعطاك.
(٣) تاريخ خليفة بن خياط ص ٢٣٨.
(٤) تاريخ خليفة : «على الجد» وهو وجه الأرض.