تزيد من عدد الوفيات داخل المدن في حين أن العمال الزراعيين الذين يعملون في الواحات ليسوا بنفس الدرجة من الصحة التي يتمتع بها سكان الصحراء الأشداء. ولأجل التعويض عن هذه النواقص ، لا بد من الاستمرار بالهجرة ، وإذا ما أخفقت هذه ، كما حدث في السنوات الأخيرة ، فإن بقعا كبيرة من الأراضي الزراعية باتت مهملة. وقد ذكرت لي أمثلة عديدة عن أشخاص انتقلوا من حالة الرعي إلى حالة الزراعة ، إلا أنهم ، رغم ذلك ، لم يستطيعوا تماما نسيان عاداتهم البدوية ، وبعد إقامة أمدها العديد من السنوات في الواحات ، غالبا ما يهربون إلى الصحراء ثانية. وتقدم تسهيلات للراغبين في تقديم خدماتهم في زراعة الأرض في عمان ، وهو ما لا يتوفر في غيرها من أجزاء الجزيرة العربية ، طالما أنهم لا يصلون حد الفقر المدقع ولا تقضي عليهم الضرائب الفادحة.
في أثناء سرد هذه الرحلات التي قمت بها ، أتيت على ذكر بدو (بني بو حسن) و (بني بو علي) و (بني جنبه) ، ولم يبق إلا أن أذكر شيئا عن بعض القبائل الأخرى. تتألف قبيلة (بنو غافر) من ثمانمائة رجل وتشكل مع اليمانية واليعاربة أقدم القبائل العمانية. وتفتخر القبيلة الأخيرة بأنها تنحدر من (قريش) في (مكة المكرمة) أما الغافريون فأصلهم من (نجد) حيث لا تزال جذورهم موجودة فيها. وفي القرن السابع عشر تبوأ أحد أبناء القبيلة العرش في (عمان) ، أما زعيمهم الحالي فهو (Massu) (مسلّم) (١) فلا يزال يرفض الاعتراف بسيادة (السيد سعيد). وقد أشرت فيما سبق إلى أنه يقيم في قلعة بالقرب من (منح) حيث يقوم من هناك بإزعاج المناطق المحيطة. أما قبيلة (بني بو حسن) فيبلغ عدد رجالها قرابة الألف ، وهم يعيشون في المدن ، لكنهم يرعون جمالهم ويشكلون مع (جنبة) و (Meyun) و (بني قتب) وسيلة النقل في عمان يقوم نساء وعبيد قبيلة بني بو حسن بحراثة الأرض بين الفينة والفينة في حين يرى الرجال أن ذلك العمل إهانة لهم إذا ما قاموا به. أما البدو الذين يعيشون في الصحراء الغربية العظمى فليست لديهم بيوت ولا خيام ، بل يعيشون تحت ظلال الأشجار.
ليس من الأمور الواجب اتباعها هنا أن يعمل الابن في نفس مهنة أبيه. فالابن قد يعيش
__________________
(*) كذا في الأصل الإنجليزي ولعله (مسعود).