آخر على سبيل المثال ، في أمن ومصلحة المقاطعة العامة ، فإن الجميع ، البدو الرحل والذين يعملون في الزراعة يتحدون بقوة لمجابهته. وبمثل هذه الوحدة حافظ هذا القوم المعزول على استقلاله منذ العصر المبكر الذي استقروا فيه أول مرة في هذا الإقليم وحتى يومنا هذا.
إن التفاصيل التي بينتها عن بدو قبيلة (بني بو علي) تشير إلى ارتباطهم الوثيق بقبيلتهم ، والى تضحيتهم بحياتهم دفاعا عن سمعتها. إننا إذا قارنا شخصية البدوي بشخصية جيرانه فإنه يتفوق عليهم كثيرا ، فوطنيته واستقلاله الطبيعي يجعلانه يسمو فوق الفارسي الذي لا يعدو أن يكون سوى عبد منمق يثبط طاقاته الاستبداد. كما أن قوته البدنية الفائقة وصلابته وشجاعته تضعه أمام الهندي الهادئ والمعتدل الضعيف. إن العربي الصحراوي يعرف هذا في سلوكه وحديثه ويفصح عنه من خلالهما. وهو يعتقد أنه أفضل الأجناس البشرية وأنقاها. وبسبب رغبته في إطلاق العنان لمشاعره تراه يفضل براريه على الراحة النسبية للسكن في المدن. وعلى الرغم من نشوب الخلافات باستمرار بين العرب ، التي يصحبها التصرف العنيف والإيماءات الجسدية ، فإنهم لا يتفوهون بتلك النعوت المقرفة المألوفة جدا بين سكان الهند وبلاد فارس. إن مفردات العرب بسيطة ورجولية : وإذا أراد أن يطلق عبارات تأنيب ضد خصمه وشرفه وضيافته ، أو ضد قبيلته ، فإن أي شيء في دمه لن يكفر عن الإهانة.
وباستثناء (صحار) ، التي كانت تحت سيطرة زعيم آخر لبضع سنوات ، فإن مجمل (عمان) شهدت فيما مضى من الزمن انتقال السلطة من إمام إلى آخر. لكن في سنة (١٨٢٩) تخلصت (شناص) والموانئ الواقعة إلى الشمال منها ، من النيرّ. وإن عادت الأولى إلى سلطته وسمحت قلعتها بدخول مجموعة من الجنود البلوش التابعين للإمام ، فإن الأجزاء الأخرى لا تزال ، إلى حد ما مستقلة عنه.
لم تثر الأشكال المختلفة للحكومة في الجزيرة العربية اهتماما ونقاشا في أوروبا أكثر مما أثارته حكومة الإمام التي يمكن مقارنتها بحكومة البابا من حيث ربطها بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية. وقد وصف (نيبور) وصفا دقيقا لدى زيارته الساحل سنة (١٧٦٢) دستور حكومة (صنعاء) ، إلا أن دستور حكومة أمير (مسقط) يختلف في العديد من